أشار البيان العتيد الذي وقع عليه «71» شخصا معظمهم من الشيوخ ذوي المواقع السابقة والحالية في معرض رده على المنتدى الثاني لمركز السيدة خديجة بنت خويلد بالقول «فإن المتابع لمجريات الأحداث على الساحة المحلية ليهوله حجم النشاط التغريبي المحموم والذي يستهدف تدمير الهوية الإسلامية لبلاد الحرمين .. عن طريق زعزعة الثوابت والمسلمات الشرعية .. إلى أن يصل إلى القول في انقلاب صريح على الأحكام الشرعية وأنظمة الدولة وفتاوى أهل العلم المعتبرين .. وكانت آخر حلقات هذا المشروع التخريبي ما سمي بمنتدى واقعية مشاركة المرأة في التنمية الوطنية .. المنسوب زورا وبهتانا لأم المؤمنين خديجة بنت خويلد. ثم أوضح الموقعون على هذا البيان فيما أوضحوه بأن هذا المنتدى المشبوه يعد نقلة خطيرة في مسيرة المشروع التغريبي في السعودية بل هو انقلاب حقيقي على القيم والأخلاق وعلى سياسة الدولة وأنظمتها وهيبتها.. إلخ. الحديث عن «انقلاب» يفترض وجود واقع راهن متميز تسوده الفضيلة والقيم الأخلاقية النبيلة أتى المنتدى لينقلب عليها ليحول الواقع الراهن «الفاضل» إلى واقع آخر تسوده «الرذيلة». ولا أدري فعلا هل يعيش هؤلاء الشيوخ في مجتمعنا أم في مجتمع آخر؟! ذلك أن واقعنا المليء بالحقائق اليومية والتي تنشرها صفحات الجرائد بشكل يومي لا تتحدث عن ذلك الواقع «الفاضل» الذي يسعى «الغرب» عبر أبواقه المحليين حسب البيان للانقلاب عليه. ألا يقرأ هؤلاء إحصائيات أمن الجمارك التي تتحدث عن ملايين الحبوب المخدرة وشتى أصناف المخدرات «المضبوطة» على الحدود وذاك غير ما تم تهريبه فعلا ووصل إلى مستهلكيه من مجتمعنا، فهل انتشار المخدرات بهذا الحجم هو فضيلة يراد الانقلاب عليها؟ ألم يطلع هؤلاء على تصريح أحد قادة الهيئة الكبار في معرض تبيانه إلى ضرورة وجود الهيئة في أن مجتمعنا بدونها يمكن أن يتحول إلى «مجتمع لقطاء» لكثرة ما يجري فيه من مشكلات أخلاقية، ألم يقرأوا أن الهيئة ضبطت في عام واحد ربع مليون شخص ويزيد حيث إن ما ضبطته 251 ألف قضية بها 281 ألف شخص، حيث تتصدر القضايا الأخلاقية والمسكرات وغيرها من قائمة القضايا فهل هذا الواقع هو ما يراد الحفاظ عليه من سوسة التغريب؟ ألا يقرأ هؤلاء نسب الطلاق والعوانس في مجتمعنا والتي تمثل ظواهر مرضية وتنتج أسرا مفككة ونساء ليس لهن «والي» أم أنهم قرأوا والمطلوب من هؤلاء النسوة انتظار صدقة «الضمان» التي يصرفها أمثال هؤلاء الشيوخ في يوم؟ ألم يسمعوا عن ظواهر العنف الأسري والتحرش الجنسي والتي لا يصل للإعلام ولا الباحثين إلا النزر اليسير منها؟ ألم يعرف هؤلاء أن بعض المواطنات شكلن طوقا حول مقر جمعية «عون» النسائية إثر إشاعة خبر تم تداوله حول توزيع الجمعية مبالغ مالية مما خلق فوضى في الطرقات المجاورة؟ لماذا تجمع مئات المواطنات بهذا الشكل؟ هل المراد هو الإبقاء على هذه الحال ولا يتم «الانقلاب» عليها؟ ألم تسمعوا عن «عضل» الفتيات من قبل ذويهن لأنهن أصبحن الدجاجة التي تبيض ذهبا؟ ألم تسمعوا عن من يبيعون «فلذات أكبادهم» وهن قصر إلى رجال بأعمار أجدادهن من أجل حفنة من المال؟ أهذا هو المجتمع الفاضل الذي لا تريدون «الانقلاب» عليه؟ الغريب في الأمر أن من يدعون معاداة الغرب يلصقون به عمل الخير. لأن المنتدى «المشبوه» كان هدفه بوضوح هو معالجة هذه الأوضاع البائسة للمرأة المسلمة من خلال وجود عمل شريف يكفيها ذل الحاجة والابتزاز والتعدي الممارس عليها، فهل تقولون إن ذلك هو هدف الغرب؟ ما أسميتموه «انقلاب» على القيم والأخلاق يقول الواقع إنه واقع أليم وأخلاق متدهورة نتيجة «أحكامكم ومسلماتكم» التي تلبسونها لباس الدين وهو منها براء. أما ما أسميتموه «انقلاب» على الدولة وأنظمتها وهيبتها فهذا بالضبط ما تمارسونه أنتم، فهل تعتقدون أن الدولة لا تعرف عن هذا المنتدى شيئا ولا عن أهدافه ومراميه؟ هل وجود وزير العمل ووزير الثقافة ونائبة وزير التربية لا يمثل الدولة؟ أم أن لكم «حالتكم» الخاصة التي لا نعرف عنها شيئا؟ في نهاية المطاف الدولة أمامها مسؤولية معالجة هذا الواقع للمرأة وللمجتمع عبر هذه المنتديات وعبر تنفيذ التوصيات وعبر إيجاد كل السبل لإشراك المرأة في التنمية، والمرأة التي تريد أن تجلس في بيتها لن يجبرها أحد على العمل وقد آن الأوان لكم أن تكفوا عن دعم التطرف والتشدد والسكون لأن مجتمعنا ما عاد قادرا على انتظاركم. نقلا عن عكاظ