قدّم الأستاذ الناقد على الشدوي خلال الحلقة النقدية التي نظمها نادي جدة الأدبي أمس ورقة نقدية بعنوان (قاموس المعارف الأدبية الأولية ) قال فيها هيأ كتاب عوض القرني " الحداثة في ميزان الإسلام " تصورا ذهنيا يرتبط بالعمالة للأجنبي، والإلحاد، والخيانة الوطنية ، والخطر على الدين. كان هذا الكتاب من أخطر الكتب التي صدرت في أواخر ثمانينات القرن المنصرم (القرن العشرون). لا تتأتى خطورة هذا الكتاب من قيمته المعرفية أو المنهجية ، بل من تلقيه من قبل القراء والمتابعين ، وفي الطريقة التي انتشرت بها أفكاره . يمكنننا أن نوصف تلقي الكتاب بنظرية الاتصال ذي الخطوتين. نتجت هذه النظرية عن دراسة الانتخابات الأمريكية عام ( 1940 ). ووفقا لهذه النظرية فإن الناخبين الذين غيروا رأيهم ، لم يجر التأثير فيهم بشكل مباشر عن طريق الرسائل التي وصلتهم من الصحف أو الراديو ، إنما غيروا رأيهم بتأثير شخصي من قادة الرأي المحليين الذين تابعوا الأحداث مباشرة من الوسائط ، ثم شرعوا يؤثرون في أتباعهم بشكل أساسي من خلال الاتصال بهم وجها لوجه . وقال الشدوي تبعا لهذه النظرية فالموقف الذي بناه كتاب " الحداثة في ميزان الإسلام" تجاه الحداثة ، لم يكن بسبب مباشر من الكتاب المطبوع والموزع بكميات هائلة ومجانا ، بل استند إلى أقلية محدودة من الدعاة والوعاظ والمذكرين الذين قرؤوا الكتاب ، وناقشوا أفكاره وتمثلوها ، وحفظوا شواهده الأدبية. ثم شرعوا ينقلونها إلى الناس من خلال الاتصال بهم وجها لوجه ، سواء كان هذا الاتصال عن طريق المحاضرات أو المخيمات أو ما سمي في تلك الفترة بمجالس الذكر .يلزم -إذن -ونحن نتأمل الصراع بين الحداثة وخصومها ، ألا ننظر إلى" كتاب الحداثة في ميزان الإسلام " ( يمكن أن أضيف الأشرطة ) وحده في بناء موقف عامة الناس من الحداثة ، بل إلى الكيفية التي استقبل بها الكتاب ، وإلى الكيفية التي تدو ولت بها أفكاره . هناك أقلية تعرف الكتاب ، وقد قرأته فعلا ، ومن المؤكد أن اتصال هذه الأقلية الشفهي هو الذي هيمن على مواقف العامة وليس الكتاب المطبوع ، وأن اتصال هذه الأقلية بعامة الناس قد اتخذ أشكالا متعددة بداية من الوعظ والمحاضرات ، وانتهاء بالقيل والقال التي سادت في تلك الفترة من الصراع . وقال الشدوي إذا عرفنا كيف نقرأ هذا الصراع من وجهة نظر المواطن الذي يهتم بالشأن العام الثقافي فسيقدم لنا توضيحات مهمة عن فقر في المعلومات الأولية الأدبية عند القراء. لا بد للمرء من أن يعرف مفهوم الحداثة ومفهوم التقليد لكي يحسن التعامل مع نقاش بين الحداثيين والتقليديين، وإذا كان على المرء أن يدلي برأيه في نقاش عام كهذا وهو لا يعرف شيئا عن الحداثة ولا عن التقليد فإن آراءه ستكون غريبة عن الموضوع. تقودني هذه الرؤية النقدية إلى أهمية المفاهيم والمعارف الأدبية الأولية التي يحتاج المرء إلى الإلمام بها ليعرف كيف يكون مواطنا يناقش قضية مثارة. وقال ما معنى المعارف الأدبية الأولية؟ هي الإطار المعرفي اللازم لكي يتوفر للفرد فهم كاف للأدب؛ بحيث يمكنه التعامل مع القضايا الأدبية التي تعرض له في حياته سواء عبر الصحف أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ينبني هذا التعريف على اعتبارات خاصة تخص بالمواطن المتوسط ثقافيا؛ فمثلما هناك حاجة إلى أن يعرف المواطن ما يكفي من قواعد كرة القدم وقوانينها لكي يقرأ مقالا تحليليا عن مباراة ، كذلك هو في حاجة إلى أن يلم بمعارف أدبية أولية حتى يتسنى له تكوين رأي في قضية أدبية مثارة بين الرأي العام. إن قدرا أساسيا من فهم المعارف الأدبية الأولية يمكن أن يضيف إلى خبراتنا بالحياة. لقد مثلنا أعلاه لقضية رأي عام هي الحداثة والتقليد. ويمكن أن نوضح هنا بقضية أخرى، وهو النقاش الذي يدور أحيانا بين مؤيدي شعر التفعيلة وبين مؤيدي قصيدة النثر. إذا لم يعرف القارئ معنى شعر التفعيلة أو معنى قصيدة النثر فسيقرأ أو يسمع من دون أن يفهم. بإمكان أي مواطن يعتزم المشاركة في حوار ما في قضية أدبية عامة أن يحدد حدا أدنى للإطار المعرفي عن هذا الحوار، واللازم لفهم موضوعة، وما يدور حوله، وأحسب أن هذه المعرفة هي نوع من جواز المرور إلى مضمار الحياة المدنية التي تُعنى بالحوار والنقاش. تخص المعارف الأدبية الأولية غير المتخصصين في الأدب التي لم تتلق الخدمة الجيدة من النظام التعليمي الراهن؛ إذ يتخرج الطلاب وحصادهم من المعارف شذرات أدبية من هنا ومن هناك، ثم يجدون طريقهم إلى الحياة بحيث يتعين عليهم أحيانا أن يناقشوا قضايا أدبية ملحة في المجتمع كقضايا الأصالة والمعاصرة، والقديم والجديد في الأدب. لا نتوقع من امرئ أن يعلق على قضايا كهذه إذا كانت حصيلة قراءاته لا تتجاوز مقررات دراسية فقيرة، ومبنية على غير أسس. وأعتقد أن أفضل الطرق لسد هذه الثغرة في الثقافة هو التيقن من أن كل الطلاب (بما فيهم طلاب الجامعة) قد درسوا الإطار الأساسي للمعارف التي نسميها معارف أدبية أولية. لا يحتاج غير المتخصص أن يكون متبحرا في المعارف الأدبية، وما يحتاج إليه هو نوع من الإطار العام من المعارف الأدبية التي نسميها أولية. وأود أن أذكر القارئ أن هذه المعارف لا يمكنها أن تهيء كل العناصر الخلفية الأساسية اللازمة لتحسين المرء تقويم الأعمال الأدبية، لكنها يمكن أن تكون طرفا مشاركا في ثقافة أدبية أعمق. ومع ذلك فإذا تأملنا الصورة الكبرى للثقافة الأدبية فإن هذا من شأنه أن يدعم فكرة مهمة هي فكرة المعارف الأولية، وبالتالي فكرة المعارف الأدبية الثقافية. يعود السبب للأمية الأدبية؛ أي عدم توفر المعارف الأدبية الأولية إلى المجتمع ، ويمكن التغلب عليها بحث المؤسسات الأدبية على العمل كي لا ينشأ جيل أمي أدبيا. يجب ألا يبدو الأدب موضوعا غريبا، لا يلقى ترحيبا في التعليم. ويبدو لي أن طلاب المرحلة الثانوية قادرون على استيعاب كميات من المعارف الأدبية . وإذا ما تقاعست المدارس الثانوية عن أداء دورها في هذا الاتجاه فلا أقل من ألا تحدث ضررا، لكن الدلائل تشير أنها لا تؤدي حتى هذا الدور الحيادي بتفضيلها الأقسام العلمية على الأقسام الأدبية. الأغرب من هذا هو أن التركيز على شروط الالتحاق بالأقسام العلمية يؤدي إلى الإضرار بتعليم الأدب وفنونه. فلا يشترط نسب معينة للمواد الأدبية، كما أن الجامعة لا تبذل سوى جهد ضئيل من أجل إعداد جمهور تتوافر فيه المعارف الأدبية الأولية. تختلف المعارف الأدبية الأولية اللازمة للمواطنين عن المعارف الأولية اللازمة لأساتذة الجامعات أو الأدباء. معنى هذا أن المثقفين أدبيا سيعرفون أن المعنى لا يكتشف كما يكتشف البترول ، بل يكوّن ويبنى كما تبنى الأهرامات . وأن كل قارئ يكوّن معناه، وأن القراء إذا كانوا مختلفين ، فسيكونون معنى على نحو مختلف، وبالرغم مما يمكن أن يؤخذ على السماح بتعددية المعنى من قبل القراء ، من أنه يحدث فوضى ، إلا أن المثقف أدبيا يتحمّس لهذا التعدد ، و يعتز ويحتفل ، ذلك أنه يفهم كيف أن القراء مختلفون مثلما هم الناس مختلفون ومبتكرون بشكل لافت وبديع ، ولا بد له من أن يبعد الفكرة التي تقول أن القراء لا يكونون المعنى . لماذا يتحمس المثقف أدبيا للتعدد في تكوين المعنى ؟ لأن طرق تفكير الناس مختلفة ، ولأن المعنى ليس شيئا يمكن أن يمنحه أحد لأحد ، ولأن تكوين معنى ما لا ينجم عن مجرد تلقيه من آخرين ، ولأن المعنى ليس ثابتا ولا نهائيا ، وأخيرا لأن المعرفة عملية تغيير مستمرة ، فما يعترف به الناس اليوم على أنه حقيقة ، يعتبر مؤقتا ، وبالتالي تكون معرفتهم معرضة للتغير في ضوء ما يستجد من أفكار وخبرات ومعلومات .يفهم القارئ المثقف أدبيا أنه عندما يتم الاعتراف بأحقية القارئ في أن يكون معناه تصبح القراءة شيئا أكير من مجرد علاقة بين إنسان ونص ، وتتحول من حيث هي تكوين للمعنى المختلف والمتعدد من قبل قراء مختلفين ومتعددين فضائل يومية ، وطرقا يعتادون عليها ، ليس فقط في القراءة بل في الحياة . إن تكوين المعاني المختلفة يعني عند القارئ المثقف أدبيا تعددية تفتح لنا طرقا متعددة للرؤية والشعور والتفكير ، وحين نعرف قيمة هذه التعددية تتكامل وجهات النظر المختلفة ، ويدعم بعضها بعضا ، كل قارئ يكون معنى من المعاني ، جانب من الجوانب ، خبرة منفردة لها الحق في أن تتبلور ، وأن تضيف معنى من المعاني المحتملة . وبهذا التعدد في تكوين المعنى يتدرب القارئ على الحياة ، وكيف أن كل واحد من القراء يكون وجها من وجوه الحقيقة ، وجانبا آخر من جوانب الواقع ، كل قارئ يضيف لونا آخر لطيف الحياة ، وكما قال ( يونج ) تتطلب الحقيقة ، إن كانت موجودة أصلا ، كونشرتو من الأصوات المتعددة . لو سألنا كاتبا أدبيا عن نوع القارئ الذي يسعى لأن يكون من قرائه لأجاب: إن قارئه المثالي من يتوفر على قدر من الألفة لقراءة عمل أدبي؛ أي قدر من الإحساس والفهم لخلفية العمل الأدبي. يريد الكاتب قارئا يملك نوع الإطار الذي ندعوه المعارف الأدبية الأولية. لن يتوقع الكاتب قارئا قادرا على أن ينتج عملا أدبيا؛ إنما يتوقع قارئا قادرا على أن يقرأ عملا أدبيا ويستمتع به. وأود أن أقول على المنوال نفسه أن الكتاب ليس لهم أن يحاولوا خلق قراء قادرين على أن يكتبوا أعمالا أدبية أو إبداعية، وما ينشدونه هو جمهور من القراء قادرون على أن يناقشوا قضايا أدبية وإبداعية ذات صلة بالأدب والإبداع. بتعبير آخر : جمهور من القراء تتوفر عنده المعارف الأدبية الأولية. يتألف إطار المعارف الأدبية الأولية من ثلاثة عناصر : الأول هو : معرفة المفاهيم التي لا تتغير أهميتها مع الزمن . يحتل هذا العنصر الأول مكان القلب من المعارف الأدبية الأولية كالأنواع الأدبية، والفرق بين اللغة الأدبية وغيرها من اللغات. إن هذه المفاهيم هي لب فهمنا للأدب، وهي الهيكل الأساسي الذي تُبنى عليه الثقافة الأدبية. ليس معنى هذا أن هذه المفاهيم محصنة ضد التغيير، إنما المعنى أن تغيرها يأخذ شكل وضعها في نوع أدبي، وليس إبدالها بمفهوم جديد. فالحديث عن الأشكال السردية كالقصة القصيرة أو القصة القصيرة جدا أو الرواية ، مثلما هو الحديث عن الأشكال الشعرية كالشعر العمودي أو التفعيلة أو قصيدة النثر ، هو حديث عن أشكال أدبية معاصرة لنا ، فما زال يعيش بيننا ممثلون لهذه الأشكال القديمة والحديثة ، قاصون وروائيون وكذلك شعراء يكتبون الشعر العمودي والتفعيلة وقصيدة النثر . غير أن هذه الأشكال الأدبية سردية كانت أو شعرية ، لا تشترك في تاريخ نشأتها ، ومعظم هذه الأشكال الأدبية لم تكن موجودة ، فالرواية مثلا لم تكن موجودة قبل عام 1930 في الأدب السعودي الحديث ، وكذلك شعر التفعيلة وقصيدة النثر . ما يميز الأشكال الأدبية هو أن كل شكل أدبي جديد تتاح له الظروف على أن ينتشر ويسود ، وربما يحتل مركز الصدارة في الكتابة والنشر والتوزيع كما يحدث للرواية الآن ، لكن ما يجعل الأشكال الأدبية فريدة من نوعها هو أن انتشار وذيوع أي شكل أدبي لا يقضي على الشكل الأدبي الأقدم منه . على سبيل المثال : حينما انتشرت كتابة ونشر قصيدة التفعيلة ، لم تقض على القصيدة العمودية ، وحينما شاعت الآن كتابة ونشر قصيدة النثر لم تلغ قصيدة التفعيلة ، مثلما هي الرواية الآن التي تحتل صدارة المشهد لم تستطع أن تنهي كتابة القصة القصيرة . هكذا إذن ، فبإمكان أي شكل من الأشكال الأدبية أن يستمر، وأن يتصدر أي مشهد ثقافي كتابة ونشرا ، وأن يعيش إلى مالا نهاية ، وإذا كنا قد فكرنا في لحظة ما أن شكلا أدبيا قد قضي عليه كالمقامة مثلا ، فإننا سنجد من يمثله الآن ، وما ينشر الآن لعائض القرني ( مقامات القرني ) وما نشره في ملحق الرسالة قبل مدة ليست بعيدة يشير إلى عودة ذلك الشكل حتى لو فرغ من مضمونه ، وانحط إلى أدنى شكل يمكن أن يُكتب به . ربما كان السبب في تعاصر الأشكال الأدبية القديمة والجديدة وتعايشها ، يعود إلى أن تاريخها يختلف عن تاريخ العلوم ، ومع الأخذ في الاعتبار ما تحدث به بعض مؤرخي العلوم عن بنية الثورات العلمية ، أو ما تحدثوا به عن قابلية النظريات العلمية للتكذيب ، إلا أن تاريخ العلم يستند إلى التخلي عن الأخطاء ، ودمج النتائج التي ظلت صحيحة ، بعد أن تدخل ضمن إطار نظري جديد . يختلف تاريخ الأشكال الأدبية عن تاريخ العلم . يشبه تاريخ الأشكال الأدبية تاريخ الفلسفة عند بعض مؤرخيها ؛ فمثلما يدور صراع من أجل سيادة أشكال فلسفية جديدة على أخرى قديمة من غير أن تلغيها ، كذلك هي الأشكال الأدبية ، فالصراع بينها يكون من أجل السيادة وليس من أجل الإلغاء .إذا كان ذلك كذلك ، فلا يمكننا الحديث عن موت الأشكال الأدبية ، ذلك أن الشكل الأدبي لا يُقضى عليه ، ولا يُمحي من الوجود ، وهو قادر في كل مرة على أن ينهض من جديد ، ينهض متى ما توفرت الظروف ، وبالتالي فالحديث عن موت شكل أدبي هو حديث غير دقيق ، ذلك أن الأشكال الأدبية كالبشر مجبرة على أن تتعايش بالرغم من أن بعضها يعيش مقهورا . إذا تحركنا بعيدا عن المفاهيم الأدبية الجوهرية التي تمثل القلب، ندخل ما يشبه المنطقة الرمادية، وإذا تحركنا أبعد فسوق نصل إلى منطقة مثيرة هي العنصر الثاني؛ أعني فهم عمليات القراءة والكتابة؛ حيث نمو الأفكار عملية جارية. تولد أفكار وتذوي أخرى في صراع وجود. إن الجانب الأعظم من البحوث الأدبية الأساسية تتم في هذه المنطقة، حيث تظهر الأفكار المتعلقة بعمليات القراءة والكتابة. إنه نطاق عمل مثير. وليس للقارئ أن يدهش أن النقاد ودارسي الأدب المتخصصين يتناقشون لاقتناص هذا المكان المتاح نسبيا. تتناول الدراسات في هذه المنطقة العادات القرائية ، والاستراتيجيات الخاصة بالعمل الأدبي. تجربة القارئ في قراءة العمل الأدبي، وفكرته عما يمكن أن يفعله الكاتب وهو يكتب النوع الأدبي ما يمكن القارئ من القراءة من غير أي تحيز. إن قارئا قرأ قدرا كبيرا من كتب الأدب ، لهو أكثر استعدادا لأن يفهم العمل الأدبي الذي يقرؤه أفضل من الشخص الذي لم يقرأ أي عمل أدبي. أما العنصر الثالث فهو فهم تأثير الأدب في الإنسان وفي المجتمع. كتب ماريو بارغاس يوسا (فائز بنوبل للأدب 2010) في مقال عنوانه " لماذا نقرأ الأدب؟ ". إني مقتنع بأن مجتمعا بلا أدب، أو مجتمعا يرمي الأدب –كخطيئة خفيّة-إلى حدود الحياة الشخصية والاجتماعية هو مجتمع همجي الروح، بل ويخاطر بحريته. ليس الأدب نشاطا للمترفين؛ إنما هو نشاط لا يستغنى عنه لتشكيل المواطنين في مجتمع حديث وديموقراطي؛ أي مجتمع مواطنين أحرار. يتعرف البشر من خلال الأدب على أنفسهم وعلى الآخرين؛ بغض النظر عن اختلاف وظائفهم، وخطط حياتهم، وأمكنتهم الجغرافية والثقافية، أو حتى ظروفهم الشخصية. يساعد الأدب الأفراد على أن يتجاوزا التاريخ، ويفهموا بعضا بعْضا عبر الزمان والمكان. لاشي يحمي الإنسان من غباء الكبرياء والتعصب والفصل الديني والسياسي والقومي أفضل من تلك الحقيقة التي يظهرها الأدب؛ أي أن كل الأمم متساوية، وأن الظلم هو ما يزرع التفرقة والخوف والاستغلال. لا يوجد من يعلم البشر أفضل من الأدب أن يروا-برغم فروقاتهم العرقية والاجتماعية-ثراء الجنس البشري. لا يوجد مثيل للأدب يجعلنا نكافئ ونمجد فروقنا من حيث هي مظهر من مظاهر الإبداع الإنساني متعدد الأوجه. الأدب مصدر ليعرف البشر أنفسهم وتكوينهم عبر أفعالهم وأحلامهم وما يخافون منه.
وشهدت الحلقة التي أدارها الناقد الدكتور محمد ربيع الغامدي مداخلات عدة من الحضور وكان من أبرز الحضورالدكتور سعيد السريحي و الدكتورعبدالله الخطيب والدكتور عبدالرحمن السلمي والدكتور يوسف العارف والدكتور احمد ربيع والمهندس سعيد فرحة وصالح فيضي والدكتورة فاطمة الياس والدكتورة منى المالكي .