أظهرت دراسات علمية أجريت في لبنان أخيراً، أن مستويات التحكّم بمرض الرّبو وأعراضه في بلاد الأرز، تقلّ كثيراً عن الأهداف المنشودة التي حدّدتها الإرشادات التوجيهية الدولية عن هذا المرض المزمن، إذ يزداد انتشار أمراض الحساسيّة، ومنها الربو، على نحو مطّرد لبنانياً بما يجعلها تفوق نظيراتها في البلدان المتقدمة. عُرِضَت هذه الوقائع أمام «ملتقى الشرق الأوسط للرّبو والحساسية» Middle East Asthma & Allergy Meeting (MENAAM) الذي استضافته دبي قبيل اختتام عام 2012، ورعته شركة «نوفارتيس»، وهي من الشركات الصيدلانية العملاقة. وحضر المؤتمر حشد من الخبراء والأطباء. وناقشوا أحدث التطوّرات والاختراقات العلميّة في مكافحة مرض الرّبو وعلاجه. لبنان «يساير» الإمارات وقدَّرت الدكتورة كارلا عيراني، رئيسة «الجمعية اللبنانية لأمراض الحساسيّة والمناعة»، نسبة المُصابين بمرض الرّبو في بلادها بما يتراوح بين 4 و6 في المئة من السكان. ويتمثل داء الرّبو في تورّم بطانة أنابيب الشّعَب الصغيرة المتفرّعة من القصبة الهوائية، ما يؤدّي إلى تضيّق المسالك التنفسية، ثم الحدّ من تدفّق الهواء إلى دواخل الرئتين وخروجه منهما، مع ضيق في التنفس وألم في الصّدر وسُعال قوي يترافق مع أزيز وصفير. وأظهرت دراسة نُشِرَت نتائجها أخيراً، أن ما يزيد على 40 في المئة من حالات الرّبو في لبنان غير مُسيّطر عليها طبيّاً، مع وجود نِسَب مُشابهة في عددٍ من بلدان الشرق الأوسط. وأوضح الدكتور بسام محبوب نائب رئيس شعبة أمراض الصدر والحساسية في «جمعية الإمارات الطبّية» في المؤتمر، أن قرابة 13 في المئة من سكان دولة الإمارات العربية المتّحدة مصابون بالربو. وأشار محبوب إلى وجود اعتقاد خاطئ بعدم حاجة مرضى الرّبو إلى الدواء إلا بعد أن تباغتهم أعراض المرض، التي تدفعهم إلى أقسام الطوارئ بسبب خوفهم منها. وأوضح أن هذه الصورة تتسبّب في توتر المرضى، وفرض أعباء ثقيلة على كاهل المستشفيات. وتداول المؤتمِرون أرقاماً تشير إلى أن قرابة 60 في المئة من مرضى الرَّبو يعانون من الرّبو التحسّسي. ويثير قسم من هؤلاء (قرابة 10 في المئة) قلق الأطباء عندما تعجز الأدوية التقليدية في التحكّم بمرضهم. ونبّه الدكتور وجيه جزماتي الذي أجرى دراسة محليّة جديدة عن هذا المرض، إلى أن الفشل في التحكّم بحال هؤلاء بطريقة مناسبة طبيّاً، ربما يؤدي إلى وفاتهم. واستعرض جزماتي، وهو استشاري أمراض الجهاز التنفسي يترأّس شعبة لأمراضه في «مدينة الشيخ خليفة الطبية» في أبوظبي، نتائج دراسته خلال الملتقى المذكور. ولاحظ جزماتي حدوث تقدّم علمي في علاج الرّبو التحسّسي المستمر والحادّ وغير المنضبط، يتمثّل في ظهور دواء يتحكّم في ردّ الفعل المناعي المرتبط بالحساسيّة في هذا النوع من المرض، فيمنع مُكوّنات المناعة من إطلاق المواد الكيماوية التي يمكن أن تتسبّب في هذا المرض. وبيّن حدوث تحسن إكلينيكي بارز في التحكّم بمرض الرّبو، عند استعمال هذا الدواء. وأفاد جزماتي بأن المصابين بالرّبو الحادّ يتطلبون علاجاً منتظماً ومتعدّداً، ومراقبة مستمرة، كما يُفضّل أن يراجعوا طبيباً اختصاصيّاً كل 3 أو 6 شهور. وقال: «في المقابل، أطلب من مرضاي المُصابين بالرّبو الحاد، مراجعتي شهرياً لأنهم في حاجة إلى مراقبة منتظمة خشية نوبات الربو المُباغتة، لا سيّما من يعانون الرّبو غير المُنضَبِط. لنتذكّر أن قرابة 25 في المئة من مرضى الرّبو هم من المُدخّنين. هذا أمر مقلق، لأن التدخين بحدّ ذاته يمكن أن يتسبّب في نوبة ربو. ويُضاف إلى ذلك انتشار العواصف الترابية وعُثّة الغبار في هذا الجزء من هذا العالم. وتزيد الأمور سوءاً مع ارتفاع الرطوبة في أغلب شهور السنة». يُذكر أن نوبات الرّبو ربما تحدث بأثر من مواد تحملها بعض الحيوانات، إضافة إلى التعرّض إلى دخان التبغ ومعاناة آثار التغيّر في المناخ.