لم تقدم الأمسية الثقافية «ذاكرة حراج بن قاسم الثقافية» التي نظمتها جماعة السرد في النادي الأدبي بالرياض مساء الثلثاء الماضي، وشارك فيها إلى جانب أشهر وراقي مدينة الرياض الأديب أحمد كلاس عيسى، الباحث محمد القشعمي مديراً لها، ما يشفي غليل الحضور الكبير الذي غصت به جنبات قاعة النادي الرئيسية ومن بينهم عدد من وراقي مدينة الرياض وقدامى المهتمين ببيع واقتناء الكتب والمخطوطات، سواء في معرفة أسرار وكنوز الكتب التي مرت على السوق أو في كشف الكثير عن تاريخ السوق وبداياته وتطوره إلى ما هو عليه الآن. من جانبه كشف القشعمي أن كلاس أهدى لمكتبة الملك فهد الوطنية أثناء تأسيسها أكثر من خمسة آلاف كتاب ومخطوطة، ويعد ممن دعمها عند تأسيسها كما كشف في معرض تقديمه للأمسية جانباً ممّا واجهه قبول التعليم العام في مجتمع مدينة الرياض وتأخر بداياته عن بقية مدن المنطقة بعشر سنوات، في الوقت الذي أصر فيه أهاليها بالاكتفاء بالدروس الدينية وحلقات المساجد والكتاتيب قبل أن تفتتح أول مدرسة وهي «الرحمانية» نسبة إلى الإمام عبدالرحمن الفيصل. ورغم محاولة القشعمي مكاشفة واستثارة ضيفه كلاس وحثه لكشف المزيد من القصص والروايات، التي جرت في السوق وأشهر عمليات بيع وشراء المخطوطات وبعض المواقف الطريفة التي تكشف ما يمثله سوق الحراج من عراقة وما يحويه من أسرار، إلا أن كلاس اكتفى بسرد قصص مجتزأة من تجربته الطويلة في بيع وشراء الكتب النادرة والمخطوطات التي حصل عليها جراء عمله في السوق. وقدّم لمحات بسيطة عن مواقفه مع شخصيات رسمية وثقافية سعودية وأخرى عامة تعامل معها وكانت تلجأ إليه للحصول على طبعات ونسخ نادرة وتشتريها منه بأبخس الأثمان وتبيعها لاحقاً إلى مكتبات عالمية، في الوقت الذي لم يكن وقتها يعرف قيمتها الحقيقية. طبعاً حدث هذا قبل أن يتمرس ويقع لاحقاً على مكتبات ورثها أبناء عن أبائهم وتحتوي مقتنيات نفيسة وباعوها مع المهملات في السوق من دون أن يثموا قيمتها الحقيقية. في الأمسية قال كلاس: «إن سوق حراج بن قاسم كان مليئاً بالكنوز الثمينة في وقت كان فيه المتعلمون قلة، وأنه بالتالي كان سوقاً مليئاً بالمكاسب، وقتها، سواء لمن كان يبيع أو من كان يشتري. وأضاف أن من يحب الكتب ومن يبيعها مسكين وأن مصيبة الكتب في إعارتها، وتابع في قصص عن مواقفه مع الكتب الممنوعة في السوق أن التفريق بينها وبين ما هو مسموح أشبه بمن يمشي على الماء. وتمنى كلاس من يتكفل بطباعة مخطوط أعده عن ذكريات ومواقف السوق في ثلاث مجلدات. وبدوره أكد رئيس النادي الدكتور عبدالله الوشمي أن النادي في صدد تنفيذ برنامج محاضرات متخصص في ثقافة مدينة الرياض والمنطقة وبدايات التعليم وحواضن العلم القديمة والأسواق الشعبية القديمة فيها.