يقول الرسول عليه الصلاة والسلام ما خلق الله داء الا وجعل له دواء لم تكن الأوبئة وليدة العصر الحديث بل كانت موجودة منذ أن خلق الله البشرية وما قبلها . فقد ظهر الطاعون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة السادسة من الهجرة النبوية ثم ظهر طاعون عموس في عهد عمر ابن الخطاب رضي الله وكان بالشام وتوفي فيه 25 الف من المسلمين . وفي سنة 50 للهجرة ظهر طاعون كان بالكوفة الذي مات فيه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه . وغير ذلك من الأوبئة التي أصابت المسلمين وانتشرت في بلادهم . وهذا كله بقضاء الله وقدره وحكمته سبحانه وتعالى . غير اننا لم نجد اوناس يبكون ويتباكون من تهويل الأمور وتفسير الأقدار وفق اهوائهم وحسب رغباتهم فلم نقرأ أو نسمع ان احد الصحابة أو التابعين اتهم شخصا أو هيئة أو حكومة بأنه هو سبب ذلك الوباء أو ان الله قد ارسله للناس عقابا لهم وغضبا عليهم . العاقل يدرك أن رحمة الله واسعة وهو سبحانه في غنى عن طاعة الناس أو معصيتهم كما أنه سبحانه في غني ان يغضب عليهم ويعذبهم . نعم نحن لا ننكر ان لله في ذلك حكمه بل يجب علينا الإتعاض والعمل بالأسباب الصحية والروحية والتقرب الى الله والحذر من الأمراض ومسبباتها والعمل على علاجها . لكن في المقابل يجب علينا الابتعاد عن تهويل الأمور والتشائوم والتباكي وعدم اتباع العواطف . فقد أصاب أسلافنا الأولين ما أصابنا فكان ترجيح العقل والحكمة هو الحل الغالب فعندما ظهر الطاعون في عهد عمر رضي الله عنه خطب عمرو بن العاص ف الناس و وجههم إلى التفرق في الجبال حتى انتهى المرض. لتجنب انتقال العدوى بينهم . وفي الصحيح قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا توردوا الممرض على المصح . وغيره من الأحاديث التي تحث على عزل من مان به مرض . أيضا التوكل على الله وحسن الظن به والدعاء والابتهال إلى الله وكثرة الاستغفار و ما تقوم به حكومتنا الرشيدة من احتياطات و إجراءات إنما هو في صالح المسلمين و حفاظا على صحتهم وسلامتهم . وذكر ابن كثير انه في سنة 968 تم تعطيل الحج بسبب انتشار وباء في مكة فمات به خلق كثير . لا عجب من قضاء الله وقدره ولكن العجب من طائفة اتخذت من الوباء منبرا للتهم و تقنيطهم من رحمة الله وتحول كل كبيرة وصغيرة إلى دراما تهيج مشاعر الحزن والألم في نفوس المسلمين . وعلى عكسهم فئة اتخذت من الوباء ساحة للكوميديا والسخرية.