الطائف المأنوس، كما يحب أن يطلق عليها أهلها، تلتقي فيها كل المتناقضات، لتجعلها عروس المصايف السعودية. فأرضها الخصبة حبلى بألذّ فاكهة يمكن تذوقها من التوت والعنب والعناب، والتفاح والرمّان. وثوبها الأخضر الفضفاض يكشف عن مفاتن هوائها العليل المطرز بصباحات ندية بالضباب والطلَ والمطر. وتاجها المتوهج بشمسها الدافئة، يحكي في الليالي المقمرة، لأسراب النجوم وقوافل السحاب، قصصاً وأساطير وحكايات خرافية عن تاريخ مهمل، لكنه لا ينسى، لهذه المدينة الراقدة فوق سلسلة جبال السروات، أقصى غرب السعودية. وتعرف الطائف بأنهار ثلاثة من سمن ولبن وعسل مصفى لا تجف طوال العام. لكن الكلمة تبقى دائماً لماء ودهن عطر الورد الطائفي، ويحرص الأهالي والزوار والمصطافون على اقتناء كميات منهما في طريق عودتهم، تذكاراً لأيام سعيدة قضوها في جنبات الهدا والشفا والردف وغدير البنات وغيرها من المتنزهات الطبيعية الخلابة. ويقال إنه لم يعرف الحب ولا أسرار المحبين من لا يهدي حبيبته قنينة من عطره المسكون بلواعج الجوى ودنف الحب وتباريح الشوق. فهو عند العاشقين رسول الحب الخالد المغني عن كل تعبير أو كلمات. ولا يخلو عرس أو مناسبة سعيدة إلا وكان الورد حاضراً في كل مشاهد الفرح والسرور، حيث تحمل الصبايا سلال الورد الموشاة بشرائط التل والحرير لينثرنه على الحضور عنوناً لتمام الفرح والإنشراح. ومع تباشير كل صباح تقطع أعناق ملايين أغصان الورد الندية وتتطاير بتلاتها الوردية اللون قرباناً لمعامل التقطير المترقبة بالنار والقدور النحاسية، طلباً لرحيقها النادر والثمين، لتقدم الطائف لزائريها أجمل نسمات وردها عطراً زكياً هدية المحب لمحبيه هكذا الطائف وستظل هكذا بجمال وردها تسمو فوق كل المدن .