تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- افتتح وزير الثقافة والإعلام رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، اليوم، القمة الآسيوية الحادية عشرة للإعلام تحت عنوان "الإعلام والتنوع لإثراء تجربة البث" بفندق الهيلتون بجدة برعاية الكترونية من "سبق". وفي بداية الافتتاح قام وزير الثقافة والإعلام بجولة على الأجنحة الراعية، والمشاركة في القمة الآسيوية.
عقب ذلك بدأ الحفل الخطابي بالقرآن الكريم، ثم ألقى رئيس الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع الدكتور رياض بن كمال نجم، كلمة رحب فيها بالمشاركين في القمة من الأعضاء في المعهد الآسيوي لتنمية الإذاعة AIBD واتحاد إذاعات الدول العربية واتحاد إذاعات آسيا والباسيفيك ABU ومن جميع أنحاء العالم.
بعد ذلك ألقت رئيسة المعهد الآسيوي لتنمية الإذاعة AIBD ومديرة راديو جمهورية إندونيسيا الدكتورة روساريتا نيكين ويدياستوتي، كلمة شكرت فيها المملكة على استضافتها القمة وعلى الجهود الكبيرة التي يبذلها وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة.
وأشارت إلى أهمية الموضوعات التي تناقشها القمة؛ موضحة أن ورش العمل تلامس الواقع الإعلامي الجديد الذي انتشر بين أطياف المجتمع الواحد والوسائل الجديدة التي أدخلت مؤخراًً على الساحة الإعلامية.
عقب ذلك شاهد الجميع فيلماً وثائقياً عن القمة الآسيوية العاشرة.
بعد ذلك ألقيت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في القمة الآسيوية للإعلام، ألقاها نيابة عنه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجه قال فيها: "يسرني أن أرحب بكم في المملكة العربية السعودية التي تستقبلكم وهي تتطلع إلى أن تكون هذه القمة لبنة جديدة في صرح التعاون الإعلامي الآسيوي، وقد انطلقت من هذه الأرض الطاهرة آخر الرسالات السماوية رسالة الإسلام الخالدة التي جعلت من الكلمة الطيبة أساساً لنشر القيم الفاضلة ليرتقي الإنسان بسلوكه ويكون عامل بناء في الحضارة الإسلامية، وأن الكلمة التي تحملون أمانتها اليوم مسؤولية كبيرة؛ حيث يقول المولى عزوجل: {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار}.
لقد أدرك مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- قبل ما يزيد على مائة عام أن رجال الإعلام وحملة الكلمة شركاء في مسيرة التحول والتحديث، بيدهم مفاتيح مؤثرة يمكن أن تساهم بشكل قوي في سرعة تقبل المجتمع لمشروعه الحضاري والتنموي للتحديث؛ فدعم رحمه الله النشاط الإعلامي في وقت مبكر برغم شح الموارد في ذلك الوقت؛ فصدرت الصحيفة الأولى "أم القرى" منذ أكثر من تسعين عاماً، واقتربت الإذاعة من عامها السبعين، واحتفل التلفزيون بمرور خمسين عاماًً قبل عدة أيام.
تلك البدايات قادتنا إلى منظومة إعلامية متكاملة نسعى بها إلى خدمة الوطن والمواطن وتعزيز المبادئ السمحة للشريعة الإسلامية، ولم يتوقف إعلامنا لتحقيق هذه الغاية عند استخدام الوسائل التقليدية، وعندما انتشرت وسائل التواصل الاجتماعي بدأت تأخذ جزءاً كبيراً من الساحة الإعلامية لم نكن بعيدين عنها، ولا خائفين منها؛ بل وفرت الدولة لها بنية قوية على امتداد مساحات المملكة الواسعة وارتفعت نسبة مستخدميها، ووضعت الدولة لها تنظيماً يضمن مساهمتها في التعليم والثقافة، وتكون ملتقى لتبادل الآراء المفيدة بالحكمة والعقل.
وأنتم الآن في قمتكم الحادية عشرة؛ فإن مما لاشك فيه أن انتظام انعقاد هذه القمم دليل على أهميتها وعلى حرص المنظمين على أن تكون مهنية، وتساهم في تطوير محتوى الوسائل الإعلامية؛ فكما تعلمون أن منتجي التقنية في سباق دائم لإنتاج الوسائل السريعة والمريحة، قد يسعد العاملين في الحقل الإعلامي؛ لكنه يضعهم أمام تحديات صعبة، ويفرض عليهم التجديد الدائم في شكل ومضمون رسائلهم الإعلامية لتكون قادرة على شد المتلقين لمحتواها مؤثرة تأثيراً إيجابياً في سلوكهم.
إن هذه القمة الإعلامية وما يوضع فيها من تصورات وخطط وما تنظمونه من لقاءات وورش تدريبية تساهمون فيه بشكل فعال في رفع مستوى المنتج الإعلامي في وسائل الإعلام، ودول العالم تتعرض لمؤثرات ثقافية خارجية تهز قيمها الدينية والإنسانية بتشويه نقائها وتضعف منظومتها الأخلاقية بتسويق أعمال غير مسؤولة، وكل ما نرجوه من هذه القمة وهي تضم خبراء متمكنين لهم مكانتهم وتأثيرهم أن تسعى ليكون المنتج الإعلامي رسول محبة وخير يحترم القيم الدينية، ويقوي سياج المنظومة الأخلاقية ليظل شجرة طيبة تظل البشرية جميعاً.
لا يخفى عليكم ما يشهده العالم من صراعات ومآسٍ إنسانية تحفل نشرات الأخبار بها، وهنا يأتي دور الكلمة المسؤولة في كل وسائل الإعلام؛ لتساهم في تعزيز قيم التواصل داخل الأطياف في المجتمع الواحد أو مع المجتمعات الأخرى.
وانطلاقاً من موقع المملكة التي حباها وشرفها الله بوجود قبلة المسلمين في مكةالمكرمة قبلة لأكثر من مليار مسلم في شتى بقاع العالم؛ فقد سعينا إلى نشر ثقافة الحوار بين المسلمين مع بعضهم ومع غيرهم من أتباع الديانات والثقافات؛ فرعينا المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي عقد في مكةالمكرمة في شهر يوينو 2008م وصدر عن المؤتمر نداء مكةالمكرمة الذي أكدنا فيه على أهمية الحوار في الإسلام، وأن الرسالات الإلهية قد دعت جميعها إلى خير الإنسان والحفاظ على كرامته، وإلى تعزيز قيم الأخلاق والصدق، وقيم الأسرة وتماسكها وأخلاقياتها التي تفككت روابطها في هذا العصر؛ حيث ابتعد الإنسان عن ربه وتعاليم دينه.. وتبع مؤتمر مكةالمكرمة المؤتمر العالمي للحوار في مدريد بإسبانيا في شهر يوليو 2008م، وصدر عنه إعلان مدريد متضمناً عدداً من المبادئ اتفق عليها المشاركون في ذلك المؤتمر.
لقد آن الأوان لأن نتعلم من دروس الماضي القاسية، وأن نجتمع على الأخلاق والمثل العليا التي نؤمن بها جميعاً، ولجعل ثقافة الحوار عملاً ومنهجاً مستمراً؛ فقد قامت المملكة العربية السعودية بالتعاون مع الحكومة النمساوية في شهر نوفمبر 2012م بإطلاق مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، في مقره الدائم في فيينا، وأنشئ المركز بهدف استراتيجي محوره تعزيز ثقافة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ومد الجسور لتحقيق ذلك مع البحث عن حلول للصراعات لتعزيز قيم التعاون بين الجماعات المختلفة.