بدأت إدارة الدفاع المدني بالطائف تحقيقات واسعة في قضية «غريقة الصرف الصحي» معلنة عن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق باشرت مهامها بالفعل في استيفاء كافة المعلومات عن هذه الفاجعة منذ لحظاتها الأولى وكافة التداعيات المحيطة بها بحسب مانشره الزميل عبدالكريم الذيابي بصحيفة عكاظ في عددها الصادر اليوم. وفيما أكد العميد فايز صبيان مدير الدفاع المدني بالمحافظة أنه سيتم كشف النتائج التي تنتهي إليها التحقيقات حال انتهاء اللجنة من مهمتها، قال الأب مطر مسعد الشيباني إن ما تعرضت له طفلته ريتاج (7 سنوات) من تهاون لا يمكن التغاضي عنه مع المتهاونين أثناء محاولة إنقاذها وهي تصارع الموت لأكثر من 45 دقيقة دون أن يقوموا بواجبهم تجاهها، وطالب بمحاسبة الغواص الذي رفض النزول إلى الخزان بحجة أنه لم يأخذ إبرة التسمم اللازمة في مثل هذه الحالات، ولم يحضر نظارة الغوص معه، وانتظر إلى أن طفت الطفلة على سطح الماء لينتشلها من رجلها وقد فارقت الحياة. وطالب الشيباني بالتحقيق في الحادثة ومعاقبة المتهاونين حتى لا تذهب أرواح ضحايا آخرين هدرا بفعل هذا الإهمال، موضحا أنه تلقى خبر وفاة ابنته وهو في الرياض عن طريق الأهل. وقال: «تقدمت لسمو سيدي وزير الداخلية ومدير الدفاع المدني ومحافظ الطائف بشكوى (تحتفظ «عكاظ» بنسخة منها) أوضحت فيها أن ابنتي غرقت في خزان الصرف الصحي بمنزلي عند الساعة الخامسة والربع مساء الأحد (11/1/1434ه) وتم الاتصال بالدفاع المدني، وبالفعل حضرت الفرق المختصة على الفور ترافقهم سيارة الغوص المجهزة مع الغواص مرتديا ملابس الغوص، إلا أن المفاجأة أنه رفض النزول بحجة عدم إحضاره النظارة وإبرة التطعيم ضد التسمم، وحدث ذلك أمام حضور الحادثة (على حد إفادته)». وأضاف الأب المكلوم والألم يعتصر قلبه: «الغواص لم يسمح أيضا بنزول أحد المتطوعين حيث أن منسوب المياه في خزان الصرف كان يصل إلى منطقة الحوض تقريبا ولم يخرجها إلا عن طريق الخطاف». وزاد: «أطالب بمعالجة الإهمال الذي وقع والاجتهاد غير المقبول في إنقاذ فلذات أكبادنا، ويعلم الله أن والدتها منذ أن فقدت ريتاج وحالتها سيئة للغاية ولا تحدث أحدا وتحتضن ملابس ابنتها وتبكي». وفي ذات الإطار، أجمع شهود عيان على أن ريتاج ذهبت ضحية الإهمال والتهاون، حيث ظلت تصارع الموت لأكثر من 45 دقيقة، مشيرين إلى أن أحدهم تبرع بإنقاذها ولكن الغواص رفض تمكينه من النزول. وقال الشاهد وليد مبارك الشيباني: «كنت عند الساعة الخامسة والربع في مجلس منزل والد ريتاج التي كانت عند الباب الخارجي مع أخيها، فطلبت منها الدخول وعدت إلى المجلس، وأثناء جلوسي سمعت شقيقها الذي يصغرها يصرخ ويقول ريتاج سقطت في خزان الصرف الصحي، فتوجهت مسرعا إلى الخزان وشاهدت بعيني فقّاعات الماء فاتصلت بالدفاع المدني الذي حضر دون تأخير، إلا أن الغواص وقف يسألني (هل أنت متأكد من أنها سقطت هنا ؟)، فأجبته نعم، وطلبت نزوله لإنقاذها، ولكنه بدا مترددا، وأمام إصراري عليه، قال إنه لم يحضر إبرة التسمم وكذلك نظارة الغوص، فحاولت عندها أن أنزل بنفسي ولكنه رفض ومن معه، فجاء متبرع يمني مبديا استعداده للنزول فرفضوا أيضا». وأضاف الشاهد: «وهكذا كان الوقت يمضي كالسيف الذي يقطع أجسادنا حرقة على الطفلة، فيما ذهب الغواص للبحث عن النظارة في سيارة الغوص ولم يجدها (حسب قوله) فجاء بخطاف وظل يمشط به الماء الذي كان منسوبه لا يتجاوز المتر، وكنا نطالبه بالنزول وهو يكرر ذات السؤال (هل أنتم متأكدون أن الطفلة سقطت هنا ؟)، وفي هذه الأثناء شاهدت حذاء ريتاج يطفو على سطح الماء فأبلغت الحضور لنفاجأ بعدها بقدمي الطفلة تطفو على السطح، وما أن شاهدهما الغواص حتى انتشل الطفلة من أحد قدميها لتصطدم الأخرى بفوهة الخزان قبل أن يخرجها». وأشار الشاهد إلى أن المدة منذ حضور رجال الدفاع المدني إلى الموقع وحتى انتشال جثة ريتاج وصلت إلى 45 دقيقة. بدوره، أفاد الشاهد الثاني عبيد محمد العتيبي أنه كان متواجدا منذ الوهلة الأولى من البلاغ وسمع وشاهد رفض الغواص النزول إلى الخزان بحجة إبرة التسمم والنظارة، مبينا أن ريتاج فقدت حياتها وهي في الخزان، مستغربا ما يؤكده الدفاع المدني بأنها توفيت بعد ساعتين من وصولها إلى المستشفى، حيث يؤكد التقرير الطبي أن الوفاة حدثت عند الساعة السادسة و34 دقيقة مساء. إلى ذلك، أكد مدير عام الدفاع المدني بالطائف العميد فايز صبيان العتيبي أنه وجه بفتح ملف التحقيق في قضية ريتاج منذ الوهلة الأولى، وقال: «تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وسوف نطلع الأسرة على كافة النتائج»، مقدما عزاءه إلى والدها وذويها، داعيا المولى عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان. من جانبه، أوضح الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني في الطائف العقيد خالد القحطاني أن فرق إنقاذ الدفاع المدني باشرت حادثة سقوط الطفلة داخل خزان الصرف الصحي بحي الحلقة الغربية في محافظة الطائف، مفيدا بأن رجال الإنقاذ تمكنوا من إخراج الطفلة من الخزان، فيما تم نقلها بواسطة إسعاف الهلال الأحمر إلى مستشفى الأمير منصور بالطائف لتلقي العلاج اللازم، حيث فارقت الحياة هناك بعد ساعتين من وصولها إلى المستشفى، ولفت إلى أن غطاء خزان الصرف الصحي لم يكن محكم الإغلاق.