الحمد لله الحكيم الخبير { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } ، والصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه وسلم الذي أوصى بالأم ثلاثاً فقال ( أمك ثم أمك ثم أمك . . ) متفق عليه ، وبعد سألتني ابنتي وهي في المستوى الثاني في الجامعة وطلبت مني مساعدتها في اختيار التخصص وتحديد المسار، ورأيت من الأهمية أن أشاركها الهم وأشاطرها الرأي وأعينها في اتخاذ القرار وأن أمحض لها النصح وأقدم لها المشورة الصادقة وخاصة في هذه المرحلة من حياتها ، ومشاركتي لابنتي في الاختيار المناسب للتخصص ، يناسب ابنتي ومن هم مثلها من بنات جنسها في هذا السن واستشعر وأنا أكتب رأيي ، قوله صلى الله عليه وسلم (حق المسلم على المسلم ست: قيل: وما هنّ يا رسول الله؟ قال: وذكر منها : وإذا استنصحك فانصح له . . ) رواه مسلم . وقوله صلى الله عليه وسلم : (المستشار مؤتمن ) أخرجه أحمد وابن ماجة ( حسن ) . قال صاحب حاشية السندي على ابن ماجة (( أي : أمين فلا ينبغي له أن يخون المستشير بكتمان المصلحة والدلالة على المفسدة . (( ومن هذا المبدأ أقول أن اختيار التخصص لكل دارسة يعتمد على : استعدادات الطالبة وطبيعتها وميولها ورغبتها . القراءة وجمع المعلومة عن التخصص . استشارة المتخصصات في الكلية . تدارس الرأي مع المرشدة الأكاديمية . الاستئناس برأي الوالدين وطلب دعائهم . استخارة الله عز وجل . وبعد جمع كافة المعلومات والخيارات المتاحة ، يكون العزم والتوكل على الله ، { فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين } آل عمران 159. إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا هذا ما يتعلق بتخصص الدراسة للفتاة في المرحلة الجامعية ، والذي أرى أنه تخصص فرعي في مقابل التخصص الرئيسي لكل فتاة وهو تخصص ( أمومة ) . وهذا التخصص ( أمومة ) تضمن من خلاله الفتاة تحقيق جميع التخصصات الأخرى المتنوعة وستكونين ( أماً ) للطبيب والمعلمة والمهندس والطبيبة والطيار والقاضي وإذا ضخمت التخصص الفرعي على حساب الرئيسي ، فستكونين أحد هذه التخصصات فقط طبيبة أو معلمة وغيرها . والجمع بين التخصصين الرئيسي والفرعي ، قليلات هن اللاتي يجدنه ( مع الميل ) ، وكثيرات هن اللاتي أجحفن بحق الأمومة وجُرن عليها كثيراً ، مما ساهم في إخراج ( جيل الخادمات والأندومي) جيل هش ، ضعيف الشخصية ، فاقد لكثير من القيم في حياته وثقافته وتعامله ، لفقده ( حضن أمه الدافئ ونشيدها الجميل الذي لا ينس على مر السنين ، ودعاءها المستجاب له في دنياه ويوم الدين ) الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق الأم روض إن تعهده الحيا بالري أورق أيماً إيراق الأم أستاذ الأساتذة الألى شغلت مآثرهم مدى الآفاق فالأمومة عمل عظيم وتخصص دقيق ومكانة جليلة مهيبة ، وهي المدرسة بل الجامعة مربية الأجيال و حاضنة الأبطال وصانعة الرجال و( وراء كل رجل عظيم..أم عظيمة ) فوظيفة الأمومة وتخصص الأم ، لا بديل عنه ، ونحن بحاجة إلى إعادة هذا الدور الأصيل والمهم في حياة الفتيات والأمهات . الدكتور يوسف القرضاوي : يقول إن عمل المرأة الأول والأعظم الذي لا ينازعها فيه منازع، ولا ينافسها فيه منافس، هو تربية الأجيال، الذي هيأها الله له بدنياً، ونفسياً، ويجب ألا يشغلها عن هذه الرسالة الجليلة شاغل مادي أو أدبي مهما كان ؛ فإن أحدًا لا يستطيع أن يقوم مقام المرأة في هذا العمل الكبير، الذي عليه يتوقف مستقبل الأمة، وبه تتكون أعظم ثرواتها، وهي الثروة البشرية . وأقول لفتاة اليوم و ( أم المستقبل ) ، أن التجارب الواقعية تختصر الوقت وتقدم خلاصة السنوات وعصارة فكرالآخرين ، وأن نبدأ من حيث انتهى أصحابها ولا نقع فيما وقعوا فيه من أخطاء وحذروا منها . فهذه تجربة حقيقية لفتاة ، قدمت التخصص الفرعي على الرئيسي ، ووظيفة العمل على وظيفة الأمومة : لطبيبة بلغت الثلاثين من عمرها ولم تتزوج، فهي تصرخ وتقول : خذوا شهاداتي وأعطوني زوجاً وأسمعوني كلمة ( ماما ) . ثم تعترف وتقول : السابعة من صباح كل يومٍ وقت يستفزني، يستمطر أدمعي أركبُ خلف السائق متجهةً صوب عيادتي، بل مدفني، بل زنزانتي، وعندما أصل مثواي أجد النساء بأطفالهن ينتظرنني، وينظرن إلى معطفي الأبيض، وكأنَّهُ بردةُ حريرٍ فارسية، هذا في نظر الناس ، وهو في نظري لباسُ حدادٍ لي !! ثم تواصل اعترافها فتقول : أدخل عيادتي، أتقلّد سماعتي وكأنَّها حبلُ مشنقةٍ يلتفُّ حولَ عنقي، العقد الثالث يستعدّ الآن لإكمالِ التفافه حول عنقي، والتشاؤم ينتابني على المستقبل أخيراً تصرخ وتقول : خذوا شهادتي ومعاطفي وكل مراجعي، وجالب السعادة الزائفة ، وأسمعوني كلمة : ماما ، ثم تقول لقد كنت أرجو أن يقال طبيبة فقد قيل ماذا نالني من مقالها ؟ فقل للتي كانت ترى فيَّ قدوة هي اليوم بين الناس يرثى لحالها وكل مناها بعضُ طفلٍ تضمه فهل ممكن أن تشتريه بمالها ؟ وأخرى ، قدمت التخصص الرئيسي على الفرعي ، ووظيفة الأمومة على وظيفة العمل تقول : ( وأخيراً تحقق الحلم ، حينما كنت طفلة صغيرة ، كحال أي طفلة في سني ، كانت اللعبة المفضلة لي هي لعبة \"العروسة\" والتي كنت أعاملها كما لو أنها طفلة حقيقية أبدل لها ملابسها، وأسرح لها شعرها وأداعبها وأغنى لها ، وفي صيف العام الذي تخرجت فيه من الثانوية ، تزوجت بحمد الله ورُزقت بزوج صالح وأنجبت طفلاً ، وأشعر كما لو كنت ملكة ، ومملكتي الصغيرة هي أعظم ما أملك الآن ، وزوجي الحبيب وابني هما سر سعادتي في الدنيا) ولو نظرنا أيضاً نظرة متجردة ذات مصداقية حقيقية واقعية ، عند التعارض وتزاحم الأولويات بين عمل ( ربة البيت . . والموظفة ) وذلك إذا تعارض عمل المرأة خارج بيتها مع رعايتها لأسرتها، فإن الأولوية تكون لرعاية البيت كما يؤكد وكيل وزارة الأوقاف المصرية لشئون الدعوة الدكتور سالم عبد الجليل، الذي يقول: مع كامل احترامنا لحق المرأة في العمل فيما يناسبها من أعمال ، إلا أن رعاية الزوج والأولاد وكونها \" ربة بيت \" هو الواجب الأول والمقدس والأساسي للمرأة ، فإذا كانت المرأة عاملة وفق الضوابط الشرعية للعمل، وحدث تعارض بين عملها ورعاية زوجها وأولادها ، فإن الأولوية قطعاً تكون للزوج والأولاد ، أي لأداء وظيفتها الأساسية والمحترمة كربة بيت، فلا قيمة لأي نجاح أو ترقيات في العمل إذا فشلت المرأة في دورها الأساسي كزوجة وأم . وأنقل لكن هذه المقارنة بين الموظفة خصوصاً المعلمة و غير الموظفة كما ترويها إحدى الموظفات ، كما هي دون تغيير للعبارات والألفاظ العامية : ( 1) الموظفة ( المعلمة ) تُكر و تتعب طول الشهر و يكون ذلك على حساب صحتها و راحتها وربما على حساب بيتها و زوجها و أولادها ..ما تنام إلا لساعات محدودة و عليها واجبات و ضغوط كثيرة ..تربي أولادها و أولاد غيرها.. و لا لها حرية في الخروج أو الزيارات أو استقبال الضيوف.. غير الموظفة مرتاحة البال تنام الصباح و تقوم مروقة الوقت اللي تحب ..تلبس تخرج ، تزاور ، و تنزار ..ما عندها بعبع الدوام و لا بعبع تحضيرات و لا وقفة صباحية و لا كر و لا حرقة أعصاب مع طالبات ...فقط يدوبك تقوم برعاية أطفالها .. 2) المعلمة وفي نهاية الشهر كل راتبها يتوزع على الجوال و الثابت و النت و الشغالة ومصاريف البيت و تسديد ديون ربما هذه الديون لها أو لأهلها أو لزوجها أو لأولادها...و غالبا الديون تكون لغيرها..و ما يبقى غير مبلغ بسيط تصرفه على لبس هذا لو بقي لها شيء ، شنطتها بعد خمس أيام ربما من أول يوم من الراتب أو من قبل الراتب ( كله موزع) طفرانه و ممكن تتسلف عشان توفي إحتياجاتها . غير الموظفة يجيها مصروف بارد مبرد..غير كده جوالها مسدد ، ثابتها مسدد ، مصروف البيت جاهز ، تلبس أحسن لبس و تأكل أحسن أكل و ربما تسافر أكثر من الموظفة...و تلبس أحسن من الموظفة.. شنطتها الخير فيها وافر و ممكن تسلف أختها الموظفة ! ! 3) غالبا الموظفة تخرج من وظيفتها بعد 20 سنة أو أكثر..مهلوكة و كبرانه ..يدوبك تقاعد بسيط..و ربما فيلا أو أرض..نشفت عيونها لحد ما لقيتها.. غير الموظفة كلها بالكثير 10 سنوات من الزواج و يكون لها أفخم فيلا ملك ..وأحلى سيارة .. 4) الموظفة طول الوقت في ضغط نفسي كل واحد يبغى منها ..الزوج ، الأهل ، الأولاد ، تخيلوا حتى مالك الشقة يرفع الإيجار عشانها موظفة..السواق ، الشغالة ، البقالة ، أي واحد يشم ريحة إنها موظفة يحاول يستغلها.. ( حسبي الله و نعم الوكيل).. العيون دائما عليها ..محسودة ..أعور و محسود على كبر عينه.. غير الموظفة محد ما يرفع عينه عليها..كل واحد يقول عنها مسكينة من فين لها..الله يخلي لها زوجها و يسخره و يهديه لها.. سامحوني هذا غيض من فيض..صح يا معلمات؟؟ يعني الموظفة دخلت الدوامة اللي دخلها الموظفين و تعيش نفس معاناتهم .. وجاء التوقيع بحرارة : أختي كأنك تتكلمين بلسان كل معلمة سلم لسانك ، نطقتي الحق . ) فإعادة النظر والتأمل في العواقب ومآلات الأمور، مطلب مهم ، والواحد منا يعيش مرة واحدة في هذه الحياة ، فمهم أن يجمع عوامل سعادته ، ويسلك سبلها . ويا أيتها الفتاة . . لا يخدعنك بريق الابتعاث . . وسراب الوظيفة ، فوظيفة العمر ( الأمومة ) والتي يحتاجها المجتمع كله بل الأمة بأسرها ، مضمونة ممتعة ، موافقة لطبيعتك وأنوثتك ، واحتياجاتك الفطرية ، ورغباتك النفسية ، وعلاقاتك الاجتماعية ، وما جبلك الله عليه ، وهي الأساس والأصل ، مع تقديرنا لكافة الظروف والحالات الخاصة والطارئة ، والتي يُتعامل معها بحسبها . والله أسأل أن يوفقكن لما فيه خيركن وسعادتكن في الدنيا والآخرة . أحمد بن إبراهيم فقيرة 3 / 7 / 1432ه