الحمد لله القائل { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }الأحزاب72 . والصلاة والسلام على أمين هذه الأمة القائل [ إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ \" ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ أَوْ قَالَ مَا إِضَاعَتُهَا ؟ قَالَ : \" إِذَا تَوَسَّدَ الْأَمْرَ غَيْرُ أَهْلِهِ ، فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ ] حديث حسن . وكم هو جميل ومفرح للنفوس أن نرى هذا الكم الكبير من الإعلانات والتي ملأت الشوارع واكتظت بها الميادين ، وجميعها يقول ( صوتك أمانة ) والجميل فيها أن نتواصى بالأمانة والتي أبت وأشفقت السماوات والأرض والجبال من حملها ، وحملها الإنسان { إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } ، والأجمل أن تكون الأمانة هي أساس العمل { إن خير من استأجرت القوي الأمين }، والميثاق الذي ننطلق منه في سائر أعمالنا وأقوالنا وعباداتنا قال الله :{ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} النساء 58 ، والمناداة والتذكير بهذا الشعار ( صوتك أمانة ) دليل خير في مجتمعٍ الخير فيه أصيل . وأجزم وتجزمون معي أن : ( صوتك أمانة ) يقصد بها الناخب المواطن العادي ( انتهاءاً ) فصوته أمانة ودائرة أمانته على قدر تصويته وإعطائه صوته لمرشحه ثم تتسع و تكبر دائرة الأمانة وتبعتها ومسؤليتها صعوداً مروراً بالمرشحين والمعينين ورئيس المجلس البلدي ومن بعدهم ، تكبر أمانة كل أحد على قدر مسؤليته ،قال صلى الله عليه وسلم : [ إن الله سائل كل راع عما استرعاه , أحفظ ذلك أم ضيع ? حتى يسأل الرجل عن أهل بيته] رواه النسائي و ذكره الألباني في الصحيحة . قال صلى الله عليه وسلم [ ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عز و جل مغلولاً يوم القيامة يده إلى عنقه فكه بره أو أوبقه إثمه , أولها ملامة و أوسطها ندامة و آخرها خزى يوم القيامة ] أخرجه أحمد و ذكره الألباني في الصحيحة . واستشعار الأمانة أمر عظيم في كل الأعمال والمهام ( كلٌ فيما يخصه ) فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين لكل أحد أمانته ومسؤليته . . فبدأ بالإمام . . فالرجل في بيته . . والمرأة في بيتها جعل لها دائرة من الأمانة والمسؤلية . . حتى الخادم منحه جزءاً من الأمانة والمسؤلية المحدودة في مال سيده ، قال عليه الصلاة والسلام : : [ كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته . الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته ، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته ] متفق عليه . ومتى ما كان هذا الشعور ( شعور تحمل الأمانة وأداءها ) ملازماً لكل من تحمل عملاً سواءاً : الناخب . . أو المرشح . . أو نائب رئيس المجلس البلدي . . أو رئيس المجلس البلدي . . أو الوزير . . أو الأمير . . فنحن إذاً بخير وسيكون التوفيق والنجاح حليف الجميع في كل الأعمال . أما إذا انحصر شعار ( صوتك أمانة ) على الناخب فقط ، كما هو الحال في الإعلانات ( فانتظر الساعة ) والتي من علاماتها مانراه حولنا اليوم : فعَنْ أَبي مُوسى الأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : [ إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ الْهَرْجَ\". قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: \"الْقَتْلُ ] أخرجه أحمد و ذكره الألباني في الصحيحة وهاهم الناس يتخطفون من حولنا كما وصف الله { أولم يروا أنا جعلنا حرما ءامناً ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون} العنكبوت 67 . وكشف الغطاء وهتك الستر عن أحوال أصحاب بعض الأمانات ( صغرت أم عظمت ؟ ! ) ، وأصبح المسئول محكوماً بالسجن لعدة سنوات والآخر موقوفاً على ذمة التحقيق ، وأما في القيامة فقال صلى الله عليه وسلم : [ ينصب لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة فيقال هذه غدرة فلان بن فلان بن فلان ] متفق عليه . وأعظم الأمانات التي نحن مؤتمنون عليها . . ديننا ويندرج تحته بقية الأمانات ، تجاه أنفسنا وأهلينا وأبناء مجتمعنا وخاصة فيما أُوكل إلينا من عمل . فصوتك أمانة . . ودينك أمانة . . وعملك أمانة . . وأسرتك أمانة . . ووطنك أمانة . . لنحافظ على الخير في بلد الخير ، والله هو الموفق والمُؤملُ لكل خير .