قال الله تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) الامانة ضد الخيانة. قد يفهم البعض الامانة بمعناها الضيق انها ما يودع عند الآخرين ليحتفظوا به ويحفظوه، ثم ليردوه الى من اودعه بالتمام والكمال، انطلاقاً من قوله تعالى (ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى أهلها) ولكن مفهوم الامانة أوسع من هذا بكثير.. ان الامانة بمفهومها الشامل هي التكليف قال ابو حيان: والظاهر عموم الامانات فيدخل فيها ما ائتمن الله تعالى عليه العبد من قول وفعل واعتقاد، وما ائتمنه الانسان من الودائع والامانات. والمؤمن هو الجدير الوحيد في هذا الكون لحمل هذه الامانة وحفظها، فمن صفات المؤمنين (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) اي قائمون عليها بحفظها واصلاحها ولا يخونون اذا ائتمنوا. وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كثيراً ما يؤكد على ضرورة الأمانة فعن أنس رضي الله عنه قال : (قلما خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الا قال : (لا ايمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له). وعلى هذا الاساس فالكون وما فيه من أمور حسية ومعنوية هو امانة: فالدين أمانة في أعناق المؤمنين وعلهيم الذود عن حياضه، ورعايته من حيث التطبيق والتبليغ والدعوة اليه على قاعدة (أصلح نفسك وادع غيرك). والأخلاق امانة ايضاً وعلى المؤمنين رعايتها من حيث التحلي بها ونشرها بين الناس تكميلا لدعوة النبي (صلى الله عليه وسلم) القائل : (انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). والأعراض امانة يجب صونها بالنسبة للأهل من زوجة وأولاد واقارب.. وأعراض الغير أمانة لا يجوز انتهاكها فعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : (ثلاثة لا يدخلون الجنة ابدا الديوث والرجلة من النساء ومدمن الخمر) قالوا : يارسول الله اما مدمن الخمر فقد عرفناه فما الديوث ؟ قال : (الذي لا يبالي من دخل على أهله) قلنا : فما الرجلة من النساء؟ قال : (التي تشبه بالرجال). والأموال امانة يجب اداؤها الى مستحقيها وتحصيلها من الحلال وانفاقها في الحلال دون اسراف او تبذير او تقتير مع اداء حقها من الزكوات والصدقات.. وسنسأل عنها يوم القيامة لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيما افناه وعن شبابه فيما ابلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما انفقه وعن علمه ماذا عمل). وهذا ما اكده الحبيب (صلى الله عليه وسلم) بقوله : (ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وانفسهم)؟. والأبناء أمانة في أعناق الأهل عليهم رعايتهم وتربيتهم وتنشئتهم تنشئة اسلامية سوية لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) وفي الصحيح: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه وسنسأل عنهم يوم القيامة، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها). والاباء أمانة في أعناق الابناء خاصة عندما يبلغون الكبر لقوله تعالى (إما يبلغن عندك الكبر احدهما أو كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما). وكل صاحب مهنة مؤتمن على مهنته من حيث الصدق في الاداء والجودة في الانتاج وعدم الغش او الكذب أو الخيانة والاتقان لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : (ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه). والطلاب امانة في أعناق المدرسين فعليهم ان يبذلوا وسعهم في تعليمهم وتثقيفهم وتهذيبهم.