رتفعت وتيرة الشكاوى لهذا العام جراء ارتفاع أسعار الشقق والفنادق في مكةالمكرمة حتى وصلت لأرقام خرافية وغير مسبوقة وهو ما جعل بعض الكتاب يحذر من أن تتحول شعيرة العمرة أو الزيارة إلى شعيرة «ارستقراطية» للأغنياء دون غيرهم!! مثل هذه الشكاوى لم تكن صادرة من الطبقة المتوسطة أو الفقيرة لأن أصواتهم غير مسموعة، وإنما تجاوزتها إلى طبقات غنية ومؤثرة صعدت الموقف. وأتذكر بأني شاهدت تقريرا فضائيا عن طريق قناة الجزيرة قبل دخول شهر رمضان المبارك ومن الكويت نفسها وقد أبدى الجميع امتعاضهم من الارتفاع الجنوني في تكاليف العمرة والإقامة. لكن ذلك يبقى أمرا طبيعيا لأسباب موضوعية كثيرة، من بينها الارتفاع المطرد في أعداد الزوار دون أن يجاريه ارتفاع مماثل في بناء الوحدات السكنية، الأمر الثاني: تحكم شركات معينة في مؤشرات هذه الأسعار جراء شرائها لهذه الليالي الفندقية في وقت مبكر تحسبا لهذا الاحتكار، الأمر الثالث: أن معظم الفنادق والشقق «ميتة» خلال أيام السنة وكان لابد من تحميل هذه الشهور على مثل هذه المواسم.. أتذكر بأن أحدهم طرح مقترحا لبناء «مدينة العمرة» بين مكةالمكرمةوجدة على غرار مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ لتخفيف الضغط على المنطقة المركزية وربطها بقطار إلى الحرم، لكن ذلك يتطلب بالمقابل تنشيط حركة العمرة طوال العام وعلى نحو متوازن لكي لاتلحق هذه المدينة بسابقاتها سواء من حيث الإنشاء أو الجدوى. ما تحتاجه مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة تحديدا هو تخفيف كاهل المركزية في عملية التخطيط والتنمية بدلا من إضاعة القائمين على تنمية هذه المناطق في الإمارات جل وقتهم على مطاردة هذه القرارات والمشاريع في دهاليز وزارات وأجهزة حكومية أخرى لاقبل لهم بها، وأن تكون مكةوالمدينة نموذجا يحتذى في التمتع بسلطات محلية كافية تستطيع معها إدارة دفة التنمية الملحة وغير القابلة للانتظار.