الفاشلون قسمان : قسم فكّر ولم يفعلْ . وقسم فَعلَ ولم يفكّر . قرأتُ هذا القول المأثور وحاولتُ أن أُقارن بين حال أصحاب محلات تجارة أو خدمات يُصرف على زخرفتها وإنارتها الكثير ، ثم لا نلبثُ أن نرى لافتة أو إعلانا في الصحف يقول : للتقبيل ، لعدم التفرّغ . – حتى الكلمة غير جذابة ، والبديل هو عبارة لائقة مثل : للتنازل ، أو للتقبّل - . والمغامرات المالية شكل من أشكال المتاجرة أو البحث عن الرزق ، وهي دأب كلّ البشر . لكنني أرى أن الموضوع عندنا بزيادة ملفتة للنظر. فالمغامرات بأسهم الأراضي و\" أوراق \" الأسهم في بحيرات وأبراج وفنادق لا تبعد عن زمننا هذا كثيرا . وربما قرأها أولادنا من بعدنا وكتبوا عنها لو أعطاهم الأستاذ موضوع إنشاء عن \" الطمع \" . يُردد رجل من وسط نجْد حديثا أمام جلاّسه عن : \" انكسارتي الأوّله ( الأولى ) . والانكسارة في اللهجة المتعارف عليها بين العامة تعني الإفلاس ، وعجز التاجر عن الوفاء بديون مستحقة ، وعدم وجود سيولة لفك المرهون من أصوله . والإشارة إلى الانكسارة الأولى تعني أن هناك انكسارة ثانية وربما ثالثة ! . وفي علم المحاسبة يمر الدارس على عبارة في القيود تقول \" أرباح غير منتظرة \" وتعني تلك العبارة أن الجهة الدائنة تلقّت دفعة أو دفعات من ديون اعتبرتها معدومة في قيودها الماضية ، ولابد من إيلاجها للخزينة عند دفعها . ويكون المدين قد أعاد نجاحه ويريد استعادة الثقة التجارية . وأظن أن هذا في العلوم فقط ولا أعتقد أن له وجودا في الممارسة والتطبيق حاليّا . لأن \" صك الإعسار \" الممارس عندنا فقط يفي بالغرض ، إلا عند صاحب ذمة نزيهة لا تتسع لأكل أموال من وثقوا به \"وديّنوه\" . صك الإعسار لغة واضحة ، وكأنها تقول للدائن : إنس الموضوع . والمتفحص في أنظمة التقاضي المالية عندنا يجد أنها تخلو من ضرورات الحال . ولا نجد فيها شهر الإفلاس ، ولا الآثار المتعلقة بالمدين أو الدائن ، ولا وسائل جدية للتنفيذ ، ولا تحديد الذمة ، ولا اتحادا للدائنين وتطلعهم إلى الصلح القضائي . وعندما أتصفح الجرائد السعودية أجد موضوعا جديدا وأكثر من باب نقاش حول حفظ حقوق الناس وكيف أصبحت صكوك الإعسار طريقة ممتازة في التحايل على القانون وسرقة أموال الناس بصبغة شرعية . ومشروع خادم الحرمين لإصلاح القضاء حتما – لو جرى تعجيله - سيتواءم مع تطلعات الناس من داخل المملكة وخارجها بإذن الله .