عرعر – عبدالله الخدير صبيح: نقلوني إلى عنبر الملتزمين ومنحوني عملاً وأجراً وأسقطوا نصف محكوميتي والغرامة. سر الختم.. مقدم سابق في الجيش العراقي سُجنَ في قضية مخدرات.. ويرجو: لا تعيد وني إلى العراق. عاصي: سجن عرعر فندق «5 نجوم» ونناشد حكومتنا بحسن معاملة السجناء السعوديين. عتاب: أنقذني العفو الملكي من القتل تعزيراً وأسقط نصف محكوميتي وغرامتي. حمود: لم أعامل يوماً على أساس طائفي.. وأطالب بحفظ كرامة السجناء السعوديين في العراق. قاسم لحكومته: ملفنا إنساني بحت فلا تحوروه إلى ملف سياسي وتعرقلوا تنفيذ الاتفاقية. عزاوي: دخلي من عملي يؤمِّن احتياجاتي.. وأرسل جزءاً منه لأسرتي في العراق. مناحي: أعمل في الضيافة وأتقاضى أجراً مجزياً ولا ينقصني شيء ولا أحتاج أحداً. جواد: سمحوا لي بافتتاح بقالة داخل السجن لتأمين الاحتياجات الإضافية للسجناء. محرر «الشرق» برفقة مدير السجن الرائد فايز الشمري أمضت «الشرق» يوماً كاملاً برفقة عدد من السجناء العراقيين، الذين يحتضنهم سجن عرعر المركزي. واطلعت «الشرق» عن كثب على طبيعة المعاملة التي يلقاها 36 سجيناً عراقياً في سجن عرعر يقضون محكوميات في قضايا متنوعة غالبيتها تهريب المخدرات إلى المملكة. اللافت للنظر، أن جميع السجناء الذين التقيناهم، أثنوا على المعاملة التي يلقونها داخل السجن، بل وصل الأمر ببعضهم إلى حد عدم رغبته في مغادرة المملكة، إما لحسن المعاملة، أو لخوفهم من افتقادها لدى عودتهم إلى بلدهم . وأتاحت إدارة السجن ل «الشرق» لقاء السجناء دون معوقات، وأبدى مدير عام المديرية العامة للسجون في المملكة والمتحدث الرسمي ونائبه وإدارة سجون منطقة الحدود الشمالية وإدارة سجن عرعر المركزي اهتماماً وتفاعلاً مشكوراً وبأريحية كاملة مع طلب «الشرق» للاطلاع على أوضاع السجناء العراقيين على الطبيعة لنقل صورة صادقة ومحايدة عنها. سجين يرفض العودة لم يخف السجين العراقي سامي سر الختم، المسجون على ذمة قضية مخدرات منذ أربع سنوات، قلقه من العودة إلى العراق وتسليمه للجهات الأمنية، مبرراً ذلك بخوفه على حياته من القتل والتصفية التي يرى أنها الاحتمال الوحيد الذي سيواجهه. وفسّر سامي ذلك بأنه كان في السابق برتبة مقدم في الجيش العراقي وشارك في الحرب ضد إيران، ما يرجح احتمال تصفيته من قبل الميليشيات الإيرانية التي تسيطر على الجيش، على غرار ما حدث مع أفراد سابقين في الجيش العراقي، وتمنى في حال تسليمه، أن يتم ذلك عبر الحدود لأنه سينقل بعد التسليم إلى منطقتي «الرطبة» و«نخيب» معتبراً ذلك أكثر أمناً على حياته، أو الإبقاء عليه في سجن عرعر.. ووصف المعاملة التي يحظى بها السجناء العراقيون في السعودية بأنها أكثر من ممتازة، مبيناً أنه حصل على فرصة عمل كمسؤول عن مغسلة الملابس داخل السجن، واستطاع من خلال ما يتقاضاه من راتب إضافة إلى ما يصرف له من راتب كسجين توفير مبالغ مالية جيدة تغطي له جميع احتياجاته. كما تم تعيينه رئيساً لعنبر السجناء رقم «5» ليكون حلقة وصل بين السجناء وإدارة السجن ويحصل من خلال عمله على بعض المميزات الإضافية. نعامل باحترام وإنسانية أما السجين عاصي صياح العنزي، المسجون في قضية تهريب مخدرات، فقال حكم عليّ بالسجن 17.5 عام وغرامة مالية 21 ألف ريال، لكن خادم الحرمين الشريفين أسقط عني نصف محكوميتي، كما أعفاني من الغرامة. ويضيف نحن هنا نعيش بكرامة ولا ينقصنا شيء.ولا نشعر بأننا سجناء إلا من حيث افتقادنا أهالينا الذين نشتاق إليهم، فالمعاملة التي نحظى بها إنسانية وفيها احترام لكرامتنا، كما أن العلاقة التي تربطنا ببعض السجناء السعوديين لا يمكن وصفها إلا بالأخوة. وأبدى العنزي انزعاجه وقلقه من تعرض السجناء السعوديين في العراق لانتهاكات وتعذيب، خصوصاً في الواقعة الأخيرة التي أعقبت فوز المنتخب السعودي على المنتخب العراقي. وقال شعرنا بأننا نحن المعذبين وليس هم، وتوقعنا أن يثأر منا أمن السجن أو السجناء إلا أن هذا لم يحدث ولم يؤثر على ما نلقاه من معاملة حسنة. حالنا أفضل من طلقاء بلدنا وبينما كنا نحاور السجناء العراقيين في سجن عرعر، أصر السجين حمود علي جبر على الحديث لنا، وقال أنا «شيعي» ومعي عدد من السجناء العراقيين الشيعة، ولم نتعرض في يوم من الأيام لأي معاملة طائفية أو تفرقة، بل على العكس وجدنا أناساً تعاملنا كأشخاص وليس كمعتقدات، وكثيراً ما يطمئن علينا إخواننا من السجناء السعوديين، ويسألوننا إن كنا نحتاج لأي شيء أو ينقصنا شيء، كما يدعوننا يومياً في غرف العنبر لتناول القهوة معهم ومبادلتنا أطراف الحديث. واعتبر ما يشهده العراق من معاملة طائفية صادراً من أشخاص مأجورين مدفوعين من الخارج هدفهم التفرقة. ودعا الجبر حكومة بلاده إلى إعادة النظر في معاملة السجناء السعوديين في سجونها وأن تحفظ لهم كرامتهم، فكثير منا استفاد من سجنه داخل السعودية، وحالنا هنا أفضل من حال كثير من الطلقاء في العراق، وعديد منا حصل على فرص عمل داخل السجن اكتفى منها، بل والبعض أصبح يرسل لعائلته مبالغ مالية تسد احتياجاتهم. ليتهم يرون كيف نعامل سجناء عراقيون يحفظون القرآن ويحكي السجين العراقي صبيح حسن، والمحكوم عليه بالسجن 21.5 عام وغرامة مالية 121 ألف ريال في قضية تهريب مخدرات، أسقط عني عفو ملكي كريم، ضمن سجناء آخرين، نصف المحكومية، فضلاً عن إسقاط الغرامة. ويضيف قائلاً لأنني أدرك أن السجن إصلاح وتقويم، فقد حرصت على أن أنتقل للعنبر المثالي الذي غالباً ما يعيش فيه مَنْ ينشدون المغفرة والملتزمون، ولا يوجد بينهم مدخنون. وعن تجربته في ذلك العنبر يقول في البداية كنت أخشى من عدم تقبلهم لي، لكون جميع نزلائه من السنة بينما أنا من الطائفة الشيعية، لكنني لم أجد منهم إلا كل ترحيب وتقدير، بل وساعدوني في الحصول على فرصة عمل داخل العنبر عن طريق الشركة المتعهده للصيانة بالسجن، وأصبحت أحصل على راتب مقابل هذا العمل إضافة إلى ما يتم دفعه لي كراتب سجين. وناشد مسؤولي حكومته بأن يأتوا ليشاهدوا بأنفسهم مدى الرعاية والاهتمام والاحترام الذي يحظى به، ليشملوا السجناء السعوديين في العراق بمثله. لا تحوروا ملفنا الإنساني سياسياً ويقول السجين قاسم منصور الجبوري، والمحكوم عليه في قضية مخدرات بالسجن 25 عاماً، وغرامة 21 ألف ريال وحفظ سبعة أجزاء من القرآن الكريم، شملني عفو ملكي أسقط نصف محكوميتي، فضلاً عن الغرامة، مثنياً على رعاية واهتمام إدارة السجن للسجناء. وطالب حكومته بسرعة تنفيذ اتفاقية تبادل السجناء، خصوصاً بعد أن أبدت المملكة جاهزيتها لتنفيذها وتم ترحيله وثلاثة سجناء آخرين من سجن الأحساء في المنطقة الشرقية إلى سجن عرعر المركزي استعداداً لترحيلهم إلى العراق، وناشدها بألا تحور ملف السجناء إلى ملف سياسي أو تضع العراقيل لتعليقه لأن ملفهم إنساني في الأساس. عمل شريف ومجزٍ وفي السياق ذاته، يقول السجين عزاوي مطلق الدليمي، حصلت على فرصة عمل داخل سجن عرعر بتوظيفي مسؤولاً عن توزيع إعاشة السجناء بعد أن طلبت من إدارة السجن رغبتي في العمل، الذين أبدوا موافقتهم، فأصبح لدي مصدر دخل استطعت من خلاله ومن خلال الراتب الذي يصرف لي كسجين، أن أحضر المستلزمات التي أريدها، واستقطع جزءاً من هذا الدخل أرسله لعائلتي في العراق لعلمي بحاجتهم للمال. وأعرب عن اعتقاده بأن الإعاشة التي تصرف للسجناء هنا تفتقر إليها أسر كثيرة في العراق، وتشمل أفضل أنواع اللحوم والأطعمة الأخرى التي يقول إن اختيارها يتم بعناية شديدة، كما أن كمياتها تفوق ما يحتاج إليه السجناء. لا ينقصني شيء توزيع الإعاشة على السجناء العراقيين وممن حصلوا على فرصة عمل داخل السجن مناحي وحيد عبدالله، المحكوم عليه في قضية تهريب مخدرات بالسجن 21 عاماً وستة أشهر وغرامة مالية قدرها 100 ألف ريال. يقول بعد مضي ثلاث سنوات من السجن، أسقطت عني نصف المدة وتم إعفائي من دفع الغرامة المالية بموجب عفو ملكي. وأتيحت له فرصة للعمل في الضيافة بالمدرسة التي يدرس فيها السجناء، حيث يقوم بإعداد الشاي والقهوة لأعضاء هيئة التدريس، وعن ذلك يقول بعملي هذا لا ينقصني شيء ولا أحتاج لأحد. بقالة داخل السجن! السجين محمد جواد أصبحت لديه بقالة داخل السجن ويذكر السجين محمد جواد، المحكوم في قضية تهريب مخدرات بالسجن 22.5عام، أمضى منها خمسة أعوام، وغرامة مقدارها 110 آلاف ريال، أن عفواً ملكياً شمله وأسقط عنه نصف المحكومية وأعفاه من الغرامة المالية. ويضيف قائلاً أمكنني من خلال ما يصرف لي من رواتب شهرية وما أتقاضاه من عملي كمسؤول عن توزيع الإعاشة على السجناء، وبعد موافقة إدارة السجن، من ممارسة التجارة ضمن استفادتي من برامج التشغيل الداخلي بالسجن، وأصبحت أبيع العصائر والفطائر والحلويات وجميع الأشياء المسموحة التي يحتاج إليها السجناء في العنبر الذي يوجد فيه أكثر من 100 سجين، مبيناً أن غالبية زبائنه من السجناء السعوديين. ويضيف لو كنت في بلدي ما نلت هذه الفرص. رعب وبكاء.. وأمل وقد يكون السجين عتاب أكثر مَنْ أصروا على الحديث ل «الشرق» للتعبير عن امتنانه لخادم الحرمين الشريفين الذي وافق على التماس رفعه إلى مقامه السامي بتخفيف عقوبة القتل تعزيراً في قضية تهريب مخدرات، إلى السجن لمدة 17.5 عام ودفع غرامة 100 ألف ريال. ويضيف قائلاً عانيت من الأرق الشديد نتيجة للحكم الذي صدر ضدي، خاصة أنني متزوج من امرأتين ولي ست بنات، وتشوش تفكيري فأصبحت كثير البكاء، يعتصرني الخوف مع طلوع شمس كل صباح، لدرجة جعلتني أحياناً أختبئ من حراس السجن تحت السرير. ويستطرد قائلاً، بادرت إدارة السجن بعلاجي ورعايتي وكانوا يصرفون لي الأدوية بالمجان، حتى خفف الحكم عني، ثم صدر عفو ملكي بإسقاط نصف المدة وإعفائي من الغرامة المالية، كما حصلت على فرصة عمل «عامل» داخل السجن أتقاضي عنها راتباً شهرياً إضافة إلى ما يصرف للسجناء من رواتب. ويضيف نحن هنا يصرف لنا من إدارة السجن بالإضافة إلى الرواتب الشهرية، أغطية وبطانيات فاخرة وفرش وملابس داخلية وثياب وشماغ كل فترة، وكل هذا بالمجان، ونحن هنا نعيش بين إخواننا السعوديين في هذا السجن، وتفوق علاقتنا بهم العلاقة مع بعض العراقيين، ولهم معنا مواقف لا ننساها. وتمنى عتاب سرعة إنهاء ملف تبادل السجناء وترحيلهم ليجتمعوا بأهلهم وليتمكن السعوديون من العودة إلى بلادهم، كما تمنى من بلاده إحسان معاملة السجناء السعوديين.