سنفترض أن المعارضة السورية قررت المشاركة في مؤتمر «جنيف – 2» للسلام بحضور ممثلين عن نظام بشار الأسد وبرعاية عواصم عالمية تريد إنهاء هذه الأزمة الإقليمية، هل سيضمن ذلك نجاح الاجتماع؟ بالطبع لا، لأن الطرفين سيصلان إلى نقطة الخلاف الرئيسة، وهي مصير الأسد، وحينها سيقع صدامٌ كبير سينتهي إلى انسحاب أحد الطرفين من على طاولة التفاوض، وبالتالي لن يتم التوصل إلى حل سياسي. سيظل مصير الأسد هو أكبر عقبة على طريق إنهاء الأزمة، ومن الواضح أن روسيا لم تتخلَّ عن نظامه، ولو عدنا إلى ما تلا اجتماع «أصدقاء سوريا» الأسبوع الماضي في لندن من مواقف سياسية، سنجد أن موسكو نبَّهت إلى ضرورة عدم وضع ما سمَّته «شروطاً مسبقة»، في إشارةٍ إلى رفضها ما صرَّح به وزراء خارجية عدة دول من أن الأسد لم يعد له مكان في سوريا المستقبل. إذاً، لا توحي الأجواء التي تسبق «جنيف – 2» بالتفاؤل، فلا حلفاء الأسد يبدون استعداداً للتنازل عنه، ولا المعارضة السورية تقبل بغير رحيله، وهي تدرك أنها ستُواجَه بتهم خيانة الثورة والثوار إن قَبِلَت بغير ذلك. إن التوافق السوري في جنيف يبدو مستحيلاً، قد تكون هناك أطراف غير سورية ترى في هذه الاجتماعات نواة لإحداث توافق «دولي» بشأن ملفات أخرى، ومن بين هذه الأطراف واشنطن التي نجد أنها استغلت أزمة الكيماوي السوري لتحسين علاقتها بطهران، وليس مستبعداً أن تستغل الإدارة الأمريكية مؤتمر السلام في سوريا لحسابها بغية تحسين موقفها في ملفات عدَّة. لكن واشنطن لم تقدِّم حتى الآن من الضمانات ما يشجِّع قوى الثورة على الذهاب إلى جنيف، ولا أحد يريد لهذه القوى أن تجلس على طاولة التفاوض وهي منزوعة الإرادة لمجرد إرضاء الولاياتالمتحدة التي تسعى بدورها إلى إرضاء حلفاء لها ولا تتمنى أن تتسبب الأزمة السورية في خسارتها أصدقاء جدداً.