الدمام – إبراهيم جبر الزاير: السعوديون لديهم أولويات كثيرة ليس بينها الفن الجفري: مسرحنا يتنفس في نطاق لا يترك مجالاً للإبداع الغريب: نجاحه مرتبط بزيادة الدعم والحرية ونقله هموم المواطنين المنسف: يجب وضع برامج مدروسة بإشراف غيورين على الفن يردد المسرحيون والمهتمون بالمجالات الفنية دائماً عبارة «المسرح نبض المجتمع»، إلا أن عددا من المسرحيين السعوديين لا يؤمنون بأن هذه المقولة تنطبق على المسرح في المملكة. مشهد من مسرحية «المحطة لا تغادر» لفرع جمعية الثقافة والفنون في الطائف (الشرق) وأبدى الفنان محفوظ المنسف، أسفه تجاه هذا الأمر، مشيرا إلى أن المسرح السعودي لا يمثل معيارا لنبض المجتمع، ولا يوجد فيه حراك، موضحا أن تجاوز هذه المرحلة يحتاج العودة لمعالجة قضايا المجتمع. وشدد المخرج محمد الجفري، على أن المسرح محليا، لم يكن معياراً لنبض المجتمع. وقال: لا أعتقد أن مسرحنا يستطيع أن يكون معيارا للنبض، فهو مختنق ما بين الموانع الاجتماعية والعادات والتقاليد، وكذلك الموانع الرسمية، فوجد نفسه يتنفس في نطاق ضيق لا يترك له مجالا للإبداع، بالإضافة إلى رفض بعض قطاعات المجتمع له. ولم يحصر الفنان عبدالناصر الزاير، هذا الأمر في المسرح السعودي فقط، بل عممه على المسرح العربي، وقال: لم يكن المسرح السعودي ولا المسارح العربية معيارا لنبض المجتمع في يوم من الأيام، مرجعا ذلك لعدد من الأسباب، قال إن الفنان يحمل بعضها، سواء كان ممثلا أو كاتبا او مخرجا، «وأحيانا تكون من المجتمع نفسه وإيمانه بأهمية المسرح من عدمه». يمكن أن يكون جعفر الغريب ورغم إشارة الفنان جعفر الغريب، إلى أن المسرح في المملكة حاليا لا يمثل نبضا للمجتمع، إلا أنه يعتقد أن المسرح السعودي يستطيع أن يكون كذلك، إذا نجح في نقل مواضيع تهم المجتمع، ودخل في قضاياه وهمومه، وأُعطي هامشا من الحرية، وتوفر له الدعم المادي والمعنوي، لافتا إلى أن المملكة عاشت وتعيش حراكا مسرحيا، لكنه ناقص ومتقطع، وينقصه كثير حتى يصبح مسرحا ذا وجود حقيقي ومستمر. وتابع قائلا: لكي يصبح لدينا مسرح حقيقي، لابد أن تتوفر له عدة عوامل، منها افتتاح معهد للدراسات المسرحية، وقد قلناها مرارا وتكرارا، حتى يخرج الممثل والمخرج والكاتب، وأن يتم دعم المسرح، وأن يحضر الإعلام فعالياته، ونقلها للمشاهدين، وأن تبنى له صالات عرض، ويتم دعمه وتشجيع القائمين عليه. جماهيرية غائبة ويرى متابعون أن المسرح في المملكة لا يحظى بجماهيرية، وأن الحضور في العروض يقتصر على فئة معينة بالمجتمع، هم المسرحيون أنفسهم أو المهتمون بشؤون المسرح مع قلة قليلة من عامة الناس. ويميل الزاير، إلى هذا الرأي بقوله: ليس كل الجمهور السعودي يهمه المسرح، بل أجزم وأقول إن أغلبية الجمهور السعودي لا يهتم بهذا الفن ولا غيره من الفنون، لأن لديه من أولويات أخرى كثيراً، والمسرح والفن لا يعد من أولوياته، «وأعتقد من دراسة لواقع المجتمع، أن الفن المسرحي يهم فئة قليلة من المجتمع فقط». وأشار الجفري إلى أن الجمهور في المملكة منقسم على نفسه، بين مؤيدين لوجود المسرح ومعارضين له، كما أن المسرحيين منقسمون كذلك، بين من يبحث عن الإبداع ويقبل على الإنتاج المسرحي بشراهة، وبين من يبحث عن المسرح التجاري ذي النتاج الضعيف الذي لا يقدم سوى الضحك والتهريج، وهو ما يسهم في فقدان المسرح لجماهيريته. وحمل المنسف، مسؤولية غياب العامة عن العروض المسرحية إلى المسرحيين أنفسهم، قائلا إن المسرح يحتضر والجمهور لا يفهم لغة المسرح «التخريبي» (يقصد التجريبي). واتفق الغريب مع المنسف في تحميل المسرحيين بعض المسؤولية، لافتا إلى أن الجمهور السعودي كأي جمهور، «عندما يشاهد المسرح يهتم به ويرى نفسه فيه، حتما سيؤمن به، ولن يبقى المسرح مقصورا على النخب». ورأى الغريب في زيادة المهرجانات المسرحية، التي تنظمها فروع جمعية الثقافة والفنون، محاولات جادة لترسيخ وتأسيس حركة مسرحية فاعلة ومؤثرة في المجتمع. أداة معطلة محفوظ المنسف وعن إمكانية أن يصبح المسرح السعودي أداة تعليم وتثقيف حقيقية، أوضح الغريب أن ذلك يحتاج النظر للمسرح بنظرة جادة ومحترمة، وأنه مهم في حياة المجتمع. فيما بين المنسف، أهمية وضع برامج مدروسة ومعتمدة، تحت إشراف شخصيات يغارون على الفن، ولها مكانتها في هذا المجال، ليصبح أداة تعليم وتثقيف. أما الزاير فأشار إلى أن الفن المسرحي لم يصل في أي بلد عربي للأهمية بأن يكون مطلبا شعبيا، كالتعليم، على سبيل المثال، مشيرا إلى أن المدرسة والتعليم ضرورة لكل بيت، ولكن النشاط المسرحي لا يهم أحدا في البيت، إلا إذا أراد أفراد البيت أن يرفهوا عن أنفسهم، وبالتالي فإن المسرح مثل «مدينة ألعاب» بالنسبة لهم، متمنيا تحقيق ما لم يتحقق من أحلام المسرحيين السعوديين. مطالبات وأمنيات محمد الجفري وطالب الغريب، بدعم فروع جمعية الثقافة والفنون بميزانية تستطيع من خلالها تقديم مسرحيات كبيرة على مدار العام. فيما دعا الجفري إلى الابتعاد عن «الشللية»، وتصفية الحسابات، في فروع الجمعية، مشيرا إلى أن مسيري العمل فيها، مسؤولون عن بعض الأخطاء المتسببة في قتل المسرح.أما المنسف، فأعرب عن أمنيته بأن تعتني فروع الجمعية بالفنانين الممثلين بمختلف أعمارهم وإصدار بطاقات عضوية لهم بالمجان، ومنحهم فرصة تطوير المسرح. مشهد مسرحية «كشتة 2» أثناء عرضها على مسرح فرع جمعية الثقافة والفنون في الدمام قبل أشهر (تصوير: حمد المهنا)