شكوى الخريجات لم تُجدِ نفعاً .. بل زادتهن تهميشاً (الشرق) أبها – عبدالله الوائلي أُجبرنا على العمل ب «الثانوية» العامة وبراتب لا يتجاوز 800 ريال. حرمان متعمد.. يبدأ من المكافآت الجامعية وينتهي بمؤهل غير مصنف. خريجات: «التربية» تجاهلتنا.. و«الخدمة المدنية» حرمتنا التوظيف. المفلح: أوضاع خريجات المجتمع مازالت عالقة بلا حلول منذ 10 سنوات. البحيري: موافقة «المدنية» شرط لتدريس تخصصات «المجتمع» في الجامعات. انتقد عديد من خريجات كليات المجتمع تهميش شهاداتهن من قبل «الخدمة المدنية»، وعدم الاعتراف بها أو تصنيفها، ما حوَّلهن إلى عاطلات بصفة رسمية. وألقين باللائمة فيما آلت إليه أوضاعهن، على وزارتي التربية والتعليم والخدمة المدنية مؤكدات أن إحباط أحلام خريجات 42 كلية مجتمع، أمر يجب أن يتم البحث عن حلول واقعية له، بما يساعد على توفيق أضواعهن، حيث اضطرت بعض الخريجات إلى العمل في وظائف هامشية، بشهادة الثانوية العامة بعد التخلي عن مؤهلهن، فيما لجأت بعضهن إلى إكمال دراستهن في الجامعات على نفقاتهن الخاصة. وأوضحن ل «الشرق» أن الوضع الراهن لخريجات كليات المجتمع يحتاج إلى وقفة صادقة من المسؤولين لحل الإشكالات الناتجة عنه، حيث مازلن خارج التصنيف وحُرمن من التوظيف رغم حاجة سوق العمل لهن. توظيف بالثانوية عن ذلك، تحكي إحدى الخريجات فتقول، تخرجت منذ سبع سنوات، حيث كان الوضع الدراسي صعب جداً، وكنا لا نتسلم أي مكافآت جامعية على عكس زميلاتنا، وكانت التنقلات بين المنزل والكلية ذهاباً وإياباً تكلفنا كثيراً، بل تحمل بعضنا مشقة السفر لمحافظات بعيدة مثل محافظة الدرب ومركز باللحمر وباللسمر وبتكلفة شهرية كانت تصل إلى ألفي ريال في المتوسط. وقالت، تخرجنا ضمن أول دفعة للحاسب الآلي عام 1427ه وبعدها تلتنا خمس دفعات يقدر عدد خريجاتها بنحو ألف خريجة، لم يتوظف منا إلا عدد قليل، وهناك من توظفت بالشهادة الثانوية دون النظر للمؤهل الجامعي، وتخلت كثيرات عن شهاداتهن وانطلقن في مشوار الدراسة من جديد في تخصصات أخرى غير كليات المجتمع. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل كانت الصدمة التي مُني بها كثير منا لدى مراجعة فرع وزارة الخدمة المدنية في عسير بعد التخرج، أن شهاداتنا غير معتمدة وغير مصنفة لديهم، مع أن موقع الخدمة المدنية أدرج تخصصاتنا في نظام جدارة، وبين فترة وأخرى، نسمع عن استدعاء حاملي شهادة الدبلوم الرجال ولكننا لم نسمع عن استدعاء حاملات الدبلوم للنساء أمثالنا. ضاعت أحلامنا وأكدت أن الكلية أغلقت قبل عامين بعد أن خرَّجت آلاف الخريجات بورقة بيضاء لا تسمن ولا تغني من جوع، ليتحولن إلى مجرد عاطلات يحملن ملفاتهن الخضراء من إدارة إلى إدارة دون النظر في أمرهن أو إيجاد حل عاجل لهن. وتؤكد أن الخريجات إزاء هذا الوضع، لم يقفن مكتوفات الأيدي، ولم ييأسن بل قدمن أكثر من مرة لدى إدارة التربية والتعليم في عسير، ولكن دون جدوى رغم احتياج المدارس لمدخلات بيانات وكاتبات، وكان مبرر الرفض عدم وجود شواغر. وقالت: ما يزيد دهشتنا أن نجد موظفات بشهادات الثانوية أو المتوسطة أو الابتدائية، وبعضهن لا يُجِدن الكتابة أو استخدام الحاسب، في حين أننا أولى منهن بالتوظيف، ليس حسداً ولكن إحقاقاً للحق، فقد تخرجنا بامتياز وحصلنا على المراكز الأولى في الكلية فلماذا التهميش؟ وإلى متى ونحن خارج نطاق التوظيف؟ وتساءلت عن مبررات التناقض الحاصل، حيث يضع موقع جدارة تخصصاتهن ضمن جدول التوظيف ولكن لا يوجد هناك أي توظيف أو حتى قبول لهن عند التقديم. وقالت: لقد وكَّلنا وكيلاً شرعياً لمتابعة هذا الملف الذي طال أمده، حتى لا يضيع حقنا في العمل. واقع مرير وفي السياق ذاته، تقول (ه.عسيري) إنها تخرجت في الكلية قبل أعوام لتصطدم بواقعها المرير حيث لم تجد أي وظيفة حكومية، واضطرتها ظروفها المريرة إلى العمل في أحد المقاصف المدرسية براتب لا يتجاوز 800 ريال تحت إشراف مدير أجنبي لا يرحم – على حد قولها. وأردفت أن شهادتها لم تغن عنها شيئاً، ولم تساعدها على العمل في المجال الذي أرادت. إكمال جبري للدراسة ومثلها، تشير (م . ج) إلى أنها أضاعت عشر سنوات من عمرها بعد التخرج في كلية المجتمع، حيث لم يُنظر في أمرها حتى الآن. وقالت إنها راجعت جميع الجهات المعنية، لكن شهادتها لم تتحِ لها التوظيف، ما اضطرها إلى التوجه لدراسة تخصص آخر في إحدى الجامعات، في محاولة للحصول على مؤهل يمكنها بواسطته العمل، ولم يتبقَ على تخرجها إلا فصل دراسي واحد. استثناء غير مبرر وتقسم (ش . خ) أنها تعبت كثيراً في دراستها، لكنها صبرت على أمل العمل بعد التخرج، لكن أحلامها تبددت بعد التخرج، حيث عجزت عن نيل الوظيفة التي تناسب مؤهلها. وتساءلت لماذا لا يشملهن التوظيف كبقية زميلاتهن في التخصصات الأخرى، ولماذا لم يشملهن قرار الكليات المتوسطة الذي أصدرته وزارة الخدمة المدنية؟ وأضافت أن خريجات كليات المجتمع حالهن لا يَسُر، حيث إن كثيرات منهن استسلمن للأمر الواقع ولزِمن بيوتهن فيما اضطر بعضهن إلى العمل بالثانوية في أي مجال، وتخلين عن مؤهلهن الذي عانين من أجله ولم يستفدن منه شيئاً. وقالت إن الأسى يعتصرها عندما ترى زميلاتها من خريجات كليات المجتمع يعملن في المقاصف عاملات. حيرة وتؤكد (س. القحطاني) أنها منذ تخرجت من الكلية والصدمات تتوالى عليها، فقد تم ترشيحها مرتين متتاليتين بعد تسجيلها في موقع جدارة، لكنها عندما راجعت فرع وزارة الخدمة المدنية في عسير لتقدم أوراق الترشيح، فوجئت برفضها بحجة أن تخصصها غير مطلوب ومستبعد نهائياً، وطالبتها الموظفة بالتسجيل في المرة القادمة في الخدمات غير التربوية. ومضت تحكي معاناتها، فقالت: بعد فترة سمعت بوجود وظائف جديدة وقمت بالتسجيل في موقع جدارة وأتتني رسالة تفيد بأني مرشحة لإحدى الوظائف، وانطلقت في اليوم التالي أراجع مكتب ديوان الخدمة المدنية في عسير، وصعقت برد إحدى الموظفات التي قالت لي بلهجة متجهمة إن تسجيلي غير نظامي، وعندما أبرزت لها أوراق تسجيلي التي تثبت أن وضعي نظامي جداً وأن بياناتي مطابقة لمؤهلاتي، قالت بكل برود لا أستطيع إفادتك بشيء لأن تخصصك مستبعد نهائياً. وأضافت، عندما توجهت بالشكوى إلى ديوان الخدمة المدنية في الرياض، فاجؤوني بأعذار واهية جداً وكتبوا على ورقة ترشيحي «تمت مطابقة بياناتها وهي غير مؤهلة». وتساءلت، لماذا يتم استبعادنا نحن خريجات الدبلومات، وهل هناك قرارات معينة تم إصدارها لمنعنا من التوظيف، مبينة أن هذا حال كثير من الخريجات غيري اللاتي اضطررن للعمل بمؤهلهن الثانوي على مرتبات لا تتجاوز 800 ريال في مقاصف المدارس، وبعضهن يتوجهن لإكمال دراستهن والحصول على شهادة البكالوريوس في أي تخصص آخر من أجل الحصول على مؤهلات تخولهن للعمل. خطأ «التربية» وترى (م . ق) أن وزارة التربية والتعليم ارتكبت بحقهن خطأ كبيراً، حيث إن كليات المجتمع كانت تتبع التربية والتعليم، لكنها تخلت عنها، وأصبحت الخدمة المدنية ترفض شهاداتهن بحجة أنها غير معتمدة بالرغم من أن شهاداتهن تحمل شعار الوزارة. وأكدت أنها عند مراجعتها التعليم لا تجد أي جواب شاف، سوى أن الخلل هو من طرف الخدمة المدنية. وتستطرد قائلة، أمضيت من عمري أحد عشر عاماً بلا تصنيف ولا توظيف، مبينة أن التخصصات المطلوبة في موقع جدارة لا تشملنا لأن التخصصات المدرجة في الموقع هي التخصصات التي تتبع للجامعات فقط، ولكن خريجات كليات المجتمع التابعات للتعليم لا يحق لهن التقدم على وظائف جدارة نهائياً. تمييز ومعوقات وتؤكد إحدى طالبات كلية المجتمع في مدينة تبوك أن الوضع مأساوي، حيث لم يتسلمن أية مكافآت أسوة بزميلاتهن في الكليات الأخرى. وتساءلت ما الفرق بيننا وبينهن، وما هو الدافع الذي يجعل الجامعات تلغي أحقيتنا في المكافأة. وقالت لم يعد لدينا صبر على ما يحدث لنا، فقررنا التجمع داخل الكلية للمطالبة بالمكافأة التي هي حقٌّ لنا ولكن دون جدوى. وعن معاناتها وزميلاتها، قالت: نواجه معوقات كثيرة مثل تردي البيئة التعليمية، بالإضافة إلى نقص الخدمات المقدمة لنا، وكذلك الحال بالنسبة لعدم توفير الكتب الدراسية، وسوء تجهيز المبنى. وأوضحت أن النظام يشترط معدل 4 فما فوق ليتم نقل الطالبة التي ترغب في تغيير تخصصها، مبينة أن من تريد إكمال دراستها بعد حصولها على دبلوم المجتمع، يجب أن تخضع أيضاً لهذا المعدل الذي وصفته بالصعب في ظل الوضع الذي يتعرضن له. معاناة بلا حلول وفي هذا الإطار، يقول الناشط الحقوقي والوكيل الشرعي لخريجات كليات المجتمع ثروي المفلح، إن خريجات كليات المجتمع يعانين منذ سنوات ولم يجدن حلولاً لمعاناتهن، وحتى الآن الجامعات تؤكد تصنيف شهاداتهن، فيما لا يصنف «الخدمة المدنية» مؤهلاتهن، ومن ثم حُرمن من التوظيف رغم احتياج سوق العمل لهن، فبينهن خريجات حاسب آلي ولغة إنجليزية، وبعضهن مضى على تخرجهن عشر سنوات ولم يتم حل معاناتهن وتوظيفهن. وتساءل: لماذا لا يعاملن على قدم المساواة مع حملة دبلوم محضر مختبر. وناشد المفلح الوزارة بوضع حلول مناسبة ليتم العمل بها من قبل الخريجات لتجاوز هذه المعضلة، وأكد أن مما يطالبن به، تعيينهن إداريات في مدارس البنات بالوزارة، حيث إنهن أعلى مؤهلاً من معلمات معاهد المعلمات اللاتي تم تعيينهن مؤخراً. موافقة «المدنية» شرط ! من جانبه، أوضح مدير العلاقات العامة والإعلام في جامعة الملك خالد محمد البحيري، أن جميع تخصصات كلية المجتمع لم يعتمد تدريسها في الجامعات إلا بعد التنسيق والموافقة من وزارة الخدمة المدنية، وذلك بعد أن يتم التأكد من أنها مطلوبة في سوق العمل. حاجة السوق! أما المتحدث الرسمي لوزارة الخدمة المدنية عبدالعزيز الخنين، فأكد أن التوظيف يكون حسب الفرص المتوفرة التي تطلب الجهات الحكومية شغلها لتتم المفاضلة عليها بين الأشخاص المؤهلين لشغلها. غاب الدعم.. فماتت القضية جدير بالذكر.. أن الجمعية السعودية لكليات المجتمع التي تأسست عام 1429ه في جامعة الملك سعود، وقفت مكتوفة الأيدي ولم تطرح القضية للنقاش ولا بحثت عن حلول فاعلة لها؛ في حين يفترض أنه وفق أهدافها المعلنة عبر موقعها على الإنترنت أن «تصبح الجمعية منبراً تناقش فيه الكليات الأعضاء مشكلاتها وقضاياها للوصول إلى حلول ناجحة لها» ما جعل دورها صورياً، يُجمِّل الواقع ولا يشارك في صنعه. وكان حرياً بها أن تحرك هذه القضية وتدافع عنها وهو ما لم تفعله. «التربية».. لا تعليق ** وقد حاولت «الشرق» التواصل مع المتحدث الرسمي لوزارة التربية والتعليم محمد الدخيني ولكن لم تحصل على أي رد حتى ساعة إعداد هذه القضية.