في ثقافتنا، «الذيب» هو الذي يحصل على أكبر قدر من المكاسب، بأقل قدر من الجهد. ولا تحاكم هذه الثقافة الذئب ولا تسأله من أين له هذا، ولا تهتم لأي قيمة يمكن أن تضيفها مكاسبه لمجتمعه، أو لقيمة عمله كعمل، أو حتى إنتاجيته. هي ثقافة تعظّم الغاية، أياً كانت الوسيلة، بطريقة ميكافيلية تضيف إلى مساوئها تكريس وتمجيد الفردانية الرأسمالية، وكل هذا بالطبع صيغ في قالب من «خصوصية» مجتمعنا المتفردة! «ثقافة الذيابة» مصدر كل فساد، والفساد ليس بالتحديد ما يتبادر إلى الذهن من معنى اللصوصية وحسب! أن يعيش «الذيب» المعظّم حياة طفيلية برجوازية فساد! أن يدمر قيمة وقيم العمل فساد! أن يكون قدوة فساد! أن يحظى بالوجاهة والمكانة فساد! أن يُتستر أو يُستر عليه فساد! وكل هذا يغري كثيرين لهدر سني الشباب والإنتاج انتظاراً للحظة «استذياب» خاطفة، وهذا فساد أيضاً! وعلى الرغم من سلوك الذئب الغادر، الفاتك، الانتهازي، إلا أن هذا لم يقنعنا لأن نتصدى له إلا بالترويع «ترويع الذيب ولا قتله»، وهو نوع من التقدير والتعاطف الذي لم تنجُ منه «هيئة مكافحة الذئاب»، بل زادت فيه غلواً، فلا هي قتلت ذئباً، ولا هي روعته! الناس تشير بأصابعها إلى «الذيب» والهيئة تقصّ أثره، وحسب!