الرياض – حسين الحربي لن يأتي أحد ليكتب سيرتي لذا حرصت على تدوين يومياتي لكشف ذاتي أمام الآخرين عن دار مدارك، أصدرت الروائية السعودية الشابة سارة مطر روايتها الجديدة «أنا سنية.. وأنت شيعي يوميات طالبة سعودية في جامعة البحرين»، حيث تتحدث فيها عن تجربتها إبان دراستها في الجامعة منذ عام 2003 حتى 2007م. في دعوة صريحة لنبذ التعصب المذهبي والدعوة للعيش المشترك تتحدث سارة مطر في كتابها دون خوف عن علاقة الطلاب والطالبات من المذهبين، وجمالية العلاقة في بعض الأحيان، حينما لا تتخذ منحى سياسياً، كما تدوِّن في يومياتها عن الطالب «محمد السليماني» الشاب المتعصب مذهبياً، وعن رغبته الكبيرة في محاولة السيطرة على الطالبات السعوديات خوفاً عليهن. الرواية مليئة بشخوص كثيرة، حيث تحفل بعدد من الشخصيات ابتداءً من زينب الشيعية وعلاقتها بياسر السني، وعلاقة جعفر غير المستقرة بوطنه البحرين، وزواج زينة السعودية من أستاذها الأمريكي المسلم، والعلاقة العاطفية التي جمعت هاني الشيعي بأسيل السنية التي تنتمي لأسرة عربية تعيش في البحرين، وزواجهما في نهاية الأمر، بعد صراع مع الأب الذي رفض زواج ابنته من شيعي. لغة جريئة * حدثيني عن كتابك الجديد؟ وكيف استلهمت العنوان؟ وما الذي تريدين إيصاله من خلال الكتاب؟ - الكتاب يتكلم عن يومياتي في الجامعة في مملكة البحرين، ويومياتي في الحياة بكل جمالياتها وأطرها الداخلية والخارجية، لكن الجميل في الكتاب هو أنه كُتب بلغة فيها جرأة، فقد تركت العنان لنفسي كي أتحرَّر من كل الخبايا التي تجول في رأسي، وقد ذكرت في مقدمة كتابي، أن جميع الأبطال حقيقيون، ما عدا «بندر القصيمي»، حيث دخلت شخصية «بندر» في الكتاب لأني استغنيت عن شخصية «الصافي الهاشمي» لكي يبدأ دوره الآخر في الجزء الثاني من الكتاب. أما ما أريد أن أقوله للجميع من خلال كتابي.. فهو أولاً، أن الحُب حاجة إنسانية لا تلتفت للاعتبارات المذهبية، ولا يمكن أن يغفل عنها القلب أو يتركها لمجرد أن مذهبه الديني يختلف عن الآخر. الأمر الثاني، هو أنني أدين لمملكة البحرين بكثير من مشاعر الوفاء، والجامعة خصوصاً، فقد كانت بالنسبة لي ملاذاً ووطناً جميلاً جداً.. هناك كثيرون لا يعرفون عن معتنقي المذهب الشيعي، ولا يعرفون أنهم أناس جميلون ومليئون بالقيم والمشاعر الرائعة والاحتواء المذهل. رسائل تنويرية * هل تهدفين من خلال كتابك إلى بث رسائل تنويرية؟ - مشكلتي لا أعرف كيف أكتب بشكل مباشر، لكنني أعرف أن لي أسلوباً بسيطاً وجذَّاباً، لذا استخدمت هذه المهارة، في تدوين يوميات حقيقية.. كثيرون بعد أن يطرحوا كتبهم يتبرأون منها، بمعنى أنهم يقولون إنها لا تتحدث عن شيء من واقعهم، أما أنا فأحرث في أرض لم يحرثها أحد غيري، وهي إعلاني أن ما كتبته يمس واقعي المعاش بشكل مباشر. عنوان الكتاب * لماذا اخترت هذا العنوان لكتابك؟ هل تهدفين إلى الترويج له؟ - لا أروِّج لكتبي عبر العناوين، العناوين تأتي في سياق الكتاب. أما لماذا اخترت هذا العنوان، فلأنه يختزل معنى الكتاب فقط.. وليس لشيء آخر. أكره المثالية * لماذا اتجهتِ إلى كتابة اليوميات بعد أن هجرها الكُتَّاب العرب؟ - لأني أبدو أكثر صدقاً.. أكره المثالية والمثاليين، وأعشق أولئك الذين لا يخشون الحديث عن تجاربهم ونجاحاتهم وخيباتهم.. أنا من هؤلاء الذين يكتبون ما يحبونه، لأني مجنونة بكل كتب السيرة، وأعلم جيداً أنه لن يأتي أحد ليكتب سيرتي كما أريدها أن تكون، إلا أنا. لذا، فإن تدويني ليومياتي هو لكشف ذاتي أمام الآخرين، ولأنني متأكدة أن هناك كثيرين يريدون أن يكتشفوا أنفسهم من خلال قصتي. شخوص متناقضة الكتاب مملوء بالشخصيات المتناقضة.. ما الذي تهدفين إليه من خلال إيرادها؟ وما علاقتها بتجربتك الشخصية؟ - هي تجربة عايشتها ولكنني لم أعشها شخصياً.. كما أخبرتك الكتاب هو سيرة حقيقية ما عدا «بندر القصيمي» فهو إضافة مثالية لليوميات، ستجد في الكتاب زينب كاظم وعلاقتها بياسر السعودي السني. لقد كتبت قصة زينب كما أخبرتني هي بها، وزواج أسيل السنية العربية من هاني ابن الشيخ الشيعي.. الكتاب لا يركز فقط على أن تكون سنياً أو شيعياً. هو عالم بحد ذاته، مملوء بشخوص كثيرة عديدة ومتشعبة. هناك «عزيز» ابن إمام الحي وأخ صديقتي «علياء». هناك الصحفي نبيل الحبالي. وزينة قوية الشخصية التي تزوجت أستاذها الأمريكي المسلم. ستجد في كتابي شخوصاً عديدة، وأحلم أن يتحول كتابي إلى مسلسل تليفزيوني. لأنني متأكدة بأنه سيحقق نجاحاً كبيراً. يوميات لا رواية * ظهور شخوص متنوعة في الرواية هل جاء لخدمة السياق السردي أم أنه تضمَّن رسالة معيَّنة؟ - كتابي الجديد ليس رواية أبداً. وهذا ما أود أن أقوله للجميع، وكذلك الإصداران الآخران.. كتبي كلها «يوميات». بالتأكيد أنا أركز على سارة، وسارة هي جزء من نسيج هذا المجتمع، وهناك مثل فرنسي يقول «كلما كنت خاصاً كلما كنت عاماً»، وأنا أتكلم عن خصوصيتي، لذا ستجد أن سارة تمثل شريحة كبيرة من الفتيات السعوديات. الكتاب الثالث أنا سنية وأنت شيعي. سيكون قريباً لكلا الجنسين من الشباب. في كتابي الأول كنت أقرب للفتيات. أما الأخير، فهو يحرث في مشاعر الرجل أكثر. وأنا متأكدة بإذن الله من نجاحه. بالنسبة لي أحببت شخصية عزيز ابن إمام الحي صالح. أظن أن الشاب عزيز هو خلاصة للشاب السعودي الرائع والباحث عن المرأة.. لكنه يبحث عنها لتكمله نفسياً وفكرياً أكثر مما تكمله من حيث إنجاب الأطفال. حضور المرأة * هل حضور المرأة في الأدب أفضل حالاً من حضورها الباهت في الحياة العامة؟ - حضور المرأة قوي في كل المجالات في الحياة. لكن مع الأسف لا يتم تسليط الضوء عليه. والمرأة السعودية بالذات امرأة مبدعة بكل المقاييس. المشكلة في عدم وضوح الرؤية أمامها. فليس هناك على سبيل المثال دور نشر تتبنى مواهب الفتيات الشابات كما يحدث في الإمارات. وعلى الرغم من أن هناك فتيات في عمر الزهور يقمن بتشكيل جمعيات خيرية. إلا أن الدولة لا تقدِّم لهن الدعم ولا يسلط الإعلام عليهن، رغم أنهن أوجب بإبراز ما يقمن به. لكن لا إعلام، ولا وسائل محفزة، ولا قنوات يمكن التواصل معها. لذا، فالمراة في الأدب أو في الحياة العامة ظهورها قوي وفعال. ولكن كل ما تقوم به، من جهودها الشخصية من غير وجود داعم حقيقي ومؤثر.