انقسم العالم ما بين مؤيد ومعارض لقانون مكافحة القرصنة الجديد SOPA ، ولكي نفهم أولاً آثار تطبيق هذا القانون في أبسط صوره، فإنه على بعض مستخدمي أجهزة «أبل» مثلاً، أن يتخيلوا استخدامهم ل «الأبل ستور» بدون «جيلبريك» (برنامج يتيح تحميل التطبيقات المدفوعة مجاناً )، كما أنه على مستخدمي «ميكروسوفت» الذين اعتادوا تحميل نظم تشغيل الويندوز وبرامج ميكروسوف المكتبية بأسعار زهيدة، كونها نسخاً غير أصلية، أن يستعدوا لدفع ثمن النسخ الأصلية التي قد تصل لآلاف الريالات. الكونغرس يُشرع قانون «SOPA» قانون مكافحة القرصنة على الإنترنت (Stop Online Piracy Act) أو «SOPA» اختصاراً. هو قانون تم تشريعه وإعتماده في «الكونغرس الأمريكي» وهو قانون يمنع القرصنة في الانترنت حيث أنه سيتم إغلاق جميع المواقع التي تنشر مواد محفوظة المصدر أو مواد تساعد على القرصنة نهائياً ولن يتمكن صاحب الموقع من إسترجاعه وقد يصل الأمر إلى سجن صاحبه، وقد تم رفض هذا القانون من كبرى شركات الانترنت مثل قوقل وموزيلا والفيس بوك وتويتر وموسوعة الويكيبيديا. شركات مناهضة للقانون.. لماذا؟! بينما يقول مؤيدو هذا القانون إنه سيسهِّل على منتجي المواد التي تُبثُّ على الشبكة حماية حقوق ملكيتهم الفكرية لتك المواد من القرصنة الإلكترونية، نجد ويكيبيديا وغيرها من المواقع الأخرى التي تحسب في أغلبها على ما بات يعرف ب«الإعلام الجديد»، تعبر عن رفضها الشديد لهذا القانون من خلال ما كتبته على صفحتها الإحتجاجية: «حرية الإنترنت في خطر»،إن مبادرة «SOPA» تهدد وجود ويكيبيديا. حيث أنها تسمح باتخاذ تدابير أساسها الرغبة في تقييد النسخ، ولكنها ستؤدي فعلياً إلى رقابة صارمة على المعلومات المتاحة على الإنترنت. ومن أجل نشر الوعي – بحسب ويكيبيديا حول هذه المبادرة، قرر مجتمع ويكيبيديا الإنكليزية تعتيم محتواها لهذا اليوم، 18/1/2012.وتعلن النسخة العربية من ويكيبيديا مثل العديد من المواقع أنه: «يجب أن لا يتم فرض الرقابة على الإنترنت»! «مردوخ» يتهم إدارة أوباما بالرضوخ! البيت الأبيض دخل هو أيضاً في وقت مبكر (قبل توقف الويكبيديا الاحتجاجي) على خط المواجهة بتصريح أثار الجدل يقول فيه «نحن لن ندعم تشريعا يقلل من حرية التعبير، ويزيد من مخاطر الأمن الإلكتروني (أمن الإنترنت)، أو يقوِّض شبكة الإنترنت العالمية التي تتميَّز بالديناميكية والإبداع»،ولكن هذا التصريح لم يمر مرور الكرام، حيث اتَّهم «مردوخ» إمبراطور الإعلام «التقليدي»، والداعم لهذا القانون، إدارة الرئيس أوباما بالرضوخ ل «دافعي الرواتب في وادي السيليكون»، وذلك في إشارة إلى الشركات الكبرى العاملة في مجال صناعة التكنولوجيا وصناعة البرمجة والكمبيوتر في الولاياتالمتحدة . كما أضاف مردوخ على صفحته في تويتر: «إن زعيمة القرصنة هي شركة جوجل التي تبث أفلاما بالمجان، وتبيع «الإعلانات» المتعلِّقة بها، وبالتالي لا عجب في إنفاقها الملايين بغرض حشد الدعم والتأييد لها». وفي مقابلة مع «بي بي سي»، وأضحت المتحدثة باسم شركة قوقل بأن وقوفهم ضد القانون بصيغته الحالية لايعني أنهم مع القرصنة، وقالت: «إن قوقل تحترم حقوق الملكية الفكرية، وقد عملنا جاهدين لمساعدة أصحاب هذه الحقوق على التعامل مع القرصنة». وأضافت: «قمنا العام الماضي بحذف خمسة ملايين صفحة مزوَّرة من نتائج البحث التي أجريناها، واستثمرنا أكثر من 60 مليون دولار أمريكي في مجال محاربة الإعلانات غير القانونية». إغلاق «Megaupload» الموقع 13 عالمياً! وفي بداية لما يبدو أنه تطبيق من بعض الولايات لهذا القانون،أغلقت النيابة العامة الفدرالية في ولاية فرجينيا الأمريكية، الخميس، موقع مشاركة الملفات المعروف Megaupload.com ، واتهمت المؤسسين بانتهاك قوانين القرصنة. وبحسب وكالة اسوشيتد برس فإن لائحة الاتهام تنص على أن مالك الموقع تسبب في خسارة اصحاب حقوق طبع بما في ذلك مسجلي العلامات التجارية واستوديوهات سينما، ما قيمته أكثر من 500 مليون دولار من العائدات المفقودة، كما تم توجيه الاتهامات لسبعة أشخاص يديرون الموقع، أربعة منهم تم سجنهم، بما في ذلك مؤسس الموقع. يُذكر أن الموقع كان يسمح لمستخدميه بتحميل وتبادل المحتوى دون أي تدابير أو تعليمات تضمن أن الملفات التي يتم استضافتها على خوادم الموقع غير محمية بحقوق طبع، ووفقاً لوثائق المحكمة أيضاً، فان الموقع كان يحتل المرتبة 13 بالنسبة لعدد الزوار في العالم! «المجهولون» يُهاجمون ال FBI وكرد سريع على هذا الإغلاق لموقع «ميجا ابلود»، قامت مجموعة المخترقين (Anonymous) والتي قدمنا نبذة عنها وعن بعض أعمالها في تقرير سابق، بالهجوم على عدة مواقع حكومية وأخرى تابعة لشركات أفلام مؤيدة للقانون، منها وزارة العدل و RIAA و MPAA وشركة Universa. كما هددت المجموعة عبر حسابها على تويتر بمهاجمة موقع مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI ، وبالفعل تعذر الدخول على تلك المواقع الثلاثة يوم الخميس، ولكن لهذه اللحظة ليس هناك أي خبر يؤكد إن كان التوقف بسبب الهجوم أم من قبل إدارة المواقع نفسها. ويكبيديا: الجمهور قال كلمته! وبعد يوم واحد فقط من الاحتجاج، الذي اعتبرته الويكيبيديا ناجحاً بكل المقاييس، فيما اعتبره البعض الآخر تحريضاً ل «مجهولين» للقيام بأعمال قرصنة، نُقل عن المديرة التنفيذية «سو جاردنر» قولها «لقد انتهى توقف ويكيبيديا وقد قال الجمهور كلمته». وقالت جاردنر مخاطبة متصفحي ويكيبيديا إن «162 مليونا منكم شاهدوا صفحتنا وهي محتجبة وتساءلوا: هل يمكن تخيل عالم بدون معرفة حرة، وقد قلتم: لا». وأضافت «لقد أغلقتم مفاتيح الاتصال بالكونغرس ودمرتم خوادم السيرفَر الخاصة بهم». إضافة إلى ذلك، يذكر أن العديد من ممثلي الكونغرس تأثروا هم أيضاً على ما يبدو باحتجاج ويكيبيديا وغيرها من المواقع، ليعلنوا تراجعهم عن فكرة سن القانون، فكتب أحد النواب (روبيو) على صفحته في فيسبوك: «أعلِن انسحابي من دعم مشروعَيْ القانونين وأحث رئيس الكتلة الديمقراطية في الكونغرس على التخلي عن هذه الخطة». تطور الصراع مستقبلاً واتجاهاته يبقى أنه سواء تم إقرار هذا القانون أم لم يتم، إلا أننا نلحظ من تسلسل الأحداث وتسارعها تغيراً شاملاً في المفاهيم السياسية وفي معطيات القوى الإقتصادية ونوعيتها، إذ نحن أمام شركات كانت تُعتبر «ذات جنسيات متعددة» أو«عابرة للقارات» لكنها أصبحت اليوم مع تنامي قوتها ونفوذها، وكأنها تحمل جنسية خاصة بها، ذات «انتماء» رقمي و«هوية» ابتكارية، بحيث نجد ولاءها لمصالحها ومصالح مشتركيها فقط، هذه الشركات تحاول السيطرة على فضاءاتها الافتراضية والحفاظ على ولاء مواطنيها الافتراضيين عن طريق الحفاظ على «خصوصياتهم» و«حرياتهم»،مع العلم أن هؤلاء المواطنيين الافتراضيين هم في ذات الوقت أفراد ومواطنين ملتزمين ومُلزمين تجاه حكومات بلدانهم، لذلك تتقاطع المصالح هنا وتتعارض، وخصوصاً في ظل وجود حكومات، لم تحسم أمرها بعد. وما تزال تحاول بالتوازي مع بعض مؤسسات الإعلام التقليدي الكبرى، ممارسة مفهومي «السيادة» و« الرقابة» بشكلهما التقليدي، أي بإحكام السيطرة ،فقط على الحدود الجغرافية والمادية، أمنياً ومعلوماتياً، ولكن هل هذا الحل ما يزال مقبولاً في هذا الزمن،أم لا بد من البحث عن حلول أخرى تتلاءم وثورات الإبتكار الافتراضية المتواصلة؟! SOPA | إعلام جديد | قانون القرصنة