بعد ثماني سنوات من سياسة الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد العنترية بخصوص الملف النووي، بتوجيه من المرشد علي خامنئي، قرر الأخير الإيعاز للرئيس الجديد حسن روحاني بالبدء في تقديم التنازلات للأمريكيين. التنازلات ل«الشيطان الأكبر» وليس للجنة الخمسة + واحد المؤلفة من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن عدا واشنطن، مضافاً إليهم ألمانيا. هذه التنازلات قدمها روحاني في رسائل متبادلة بينه وبين الرئيس الأمريكي باراك أوباما مقابل السعي إلى تخفيف العقوبات الدولية التي أضنت إيران وأرجعتها أكثر من عشرين عاماً إلى الوراء. الكشف عن هذه الرسائل وهذه التنازلات جاء متزامناً مع وقف العملية العسكرية الأمريكية أو تجميدها ضد سوريا مقابل نزع سلاحها الكيماوي. ومعروف أن إيران قد سارعت إلى الترحيب بهذه الصفقة التي تطيل عمر النظام السوري الموالي لها من جهة، وتزيل شبح سيطرة القوى المعارضة التي تعادي إيران على هذا السلاح الاستراتيجي. ثمة تساؤل منطقي حول تزامن الحديث والكشف عن هذه الصفقة المتدحرجة بين إيران والولايات المتحدة، وبين العفو الذي أصدرته واشنطن عن النظام السوري وإفلاته من العقاب الذي ظلت واشنطن تهدد به حتى صدق بشار الأسد نفسه أن الضربة قادمة لا ريب فيها، فراح يموه مواقع جيشه ويجري نقلاً للمواقع المهمة… إلخ. إسرائيل لا تريد إزالة النظام السوري وكذلك إيران، الدولتان المتنافستان على المنطقة وأنصارهما في العالم والمنطقة يريدون بقاء نظام الأسد. كم هو حجم الخدمات التي يقدمها هذا النظام لكل هؤلاء في الشرق والغرب، وكم هو جبار الشعب الذي يقاوم الشرق والغرب على أرضه، وكم هو مريب أن تبدأ في هذا الوقت التنازلات الإيرانية لصالح أمريكا.