إذا رجحت كفة معارضي الضربة على سورية في الكونغرس الأميركي، وإذا شعر الرئيس الأميركي بأنه لا يسعه توسل القوة ضد نظام دمشق، سقط احتمال الحل الديبلوماسي للملف النووي الإيراني. فالرئيس الإيراني حسن روحاني يرسل إشارات مفادها أنه يرغب في إبرام اتفاق فعلي يطوي الخلاف على البرنامج النووي الإيراني. وعجز أميركا عن ليّ يد سورية يقوّض مسعى روحاني، فالمتطرفون في أوساط «الحرس الثوري» والمقربون من المرشد الأعلى (خامنئي) سيزعمون أن الكلفة المترتبة على حيازة سلاح نووي اقتصادية فحسب، وأن إيران في منأى من خطر عسكري. ويرى هؤلاء أن حيازة بلادهم السلاح النووي ترسخ النفوذ الإيراني في المنطقة، وتعزز قدرة طهران على الردع، وتثبت للعالم أجمع أن العقوبات أخفقت. وفي مثل هذه الظروف تُشل عجلة العقوبات. ولا يعود في وسع روحاني تسويغ موقفه الرامي إلى إنهاء الخلاف النووي بالقول إن الخطر المتربص ببلاده كبير، ولا القول إن النتائج الاقتصادية تهدد بقاء النظام. ومثل هذه المسوغات اليوم يلقى صدى لدى خامنئي. فالولاياتالمتحدة لوحت بأنها لا تستبعد القوة العسكرية للحؤول دون حيازة إيران القنبلة الذرية. ويشير تعذر توسل أوباما القوة في سورية إلى أن أميركا ستقف موقف المتفرج إزاء حيازة إيران السلاح النووي وأنها مستعدة للتعايش مع إيران ذرية. ولن تقبل إسرائيل بأن تؤول الأمور إلى هذا المآل. وعدم توجيه ضربة إلى سورية سيؤدي إلى توسل نتانياهو القوة ضد إيران. فالإسرائيليون لن يقتنعوا بأن ثمة جدوى أو فائدة ترتجى من الانتظار والديبلوماسية، أو من التعويل على تذليل أميركا المشكلة النووية الإيرانية. ويرى رئيس الوزراء الإسرائيلي أن حيازة إيران سلاحاً نووياً خطر وجودي على الدولة العبرية، وهو لن يسمح بمحرقة جديدة ضد اليهود. ويسعه تسويغ تأجيل الضربة لإيران طالما الولاياتالمتحدة عازمة على ردعها، لكن رجحان كفة معارضي ضرب سورية سيظهر أن واشنطن تصدع بإيران نووية، ولن يسهم إسهاماً يذكر في بقاء نطاق النزاع السوري محدوداً. فالسيطرة على النزاع والحؤول دون توسعه في متناول أوباما من غير الضربة. وحين بادرت إسرائيل عسكرياً إلى منع تزويد سورية «حزب الله» بسلاح متطور، أحجم كل من الأسد وإيران و «حزب الله» عن الرد. فهذه الأطراف لا تريد استفزاز إسرائيل أو استدراجها إلى هجوم أوسع قد يضعف القوات السورية، ويرجح، تالياً، كفة المعارضة. فالتصعيد رداً على ضربة أميركية لسورية، لا يصب في مصلحة إيران أو السوريين. ولكن يصعب التكهن برد طهران على ضرب إسرائيل البنية التحتية النووية الإيرانية. وحريّ بمعارضي إجازة ضربة لسورية تقويم النتائج، وأبرزها إسقاط الحل الديبلوماسي للأزمة النووية الإيرانية. * مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط بين عامي 2009 و2011، عن «واشنطن بوست» الأميركية، 9/9/2013، إعداد منال نحاس