استضافت جامعة الإمام محمد بن سعود في 9/8 من الشهر الحالي المؤتمر السعودي الدولي الأول لإدارة الأزمات والكوارث، الذي جرى التحضير له منذ نهاية العام المنصرم. وقد شارك فيه عدد من الأكاديميين السعوديين والأجانب بالإضافة إلى عدد من مسؤولي الدوائر الحكومية ذات العلاقة بالموضوع. ومن اللافت للانتباه أن تكون جامعة الإمام هي الجامعة التي كُلفت بتنظيم هذا المؤتمر، وليس جامعة أخرى من الجامعات المتخصصة بشكل بارز في العلوم الإدارية أو البيئية، أو الواقعة في منطقة معرضة للأزمات أو الكوارث. كما لوحظ أيضاً أن مشاركة أكاديميين من جامعات سعودية أخرى في أعمال المؤتمر كان محدوداً جداً، مقارنة بأكاديميي الجامعة المنظمة للمؤتمر، حيث غابت أسماء محلية معروفة بتخصصها في مجال التغيرات البيئية والمناخية عن فعاليات المؤتمر، وحصول أكاديميي جامعة الإمام على نصيب الأسد في البحوث المقبولة المقدمة للمؤتمر. ومن الطبيعي أن يقع الاختيار على نفس الجامعة كي تكون المقر لمركز إدارة الأزمات والكوارث والذي جاء ضمن التوصيات التي خرج بها المؤتمر، مما يوحي أن هذا التخصص سيكون ضمن التخصصات التي ستوليها الجامعة عنايتها والتشجيع على دراسته، وهذا ما سيقتضي إجراء إضافات أو تغييرات في مناهج بعض كلياتها التي عرف عنها بتخصصها في المجال الفقهي والشرعي. لقد قام المؤتمر على خمسة محاور، أولها كان البنية التحتية والتنظيمية في إدارة الأزمات والكوارث، ولكن حين استعراض البحوث والمحاضرات التي قدمت خلال جلسات المؤتمر عن هذا المحور (وهو أيضاً من أهداف المؤتمر) لا نجد إلا القليل منها تحدث عن واقع البنية التحتية في المملكة ومدى قدرتها على مواجهة الأزمات والكوارث بحرية ودون مجاملة، باستثناء بحث الدكتور طلال الحربي (سبب كارثة الفيضانات في المملكة) وهو القادم من القطاع الخاص، الذي تميّز بصراحته في طرح الأسئلة عن واقع البنية التحتية في بلادنا مستشهداً بواقع مدينة جدة إبان كارثتها في سنة 2009، والتي فشلت في الصمود أمام تغيّر كبير في كمية المطر الذي هطل عليها في وقت قصير، فتسببت فيما حدث من مآس وخسائر. هناك بلدان عديدة بقدرات مالية أقل مما لدينا، تتساقط فيها الأمطار بكميات تفوق ما نزل وينزل لدينا، ولكنها لا تتحوّل إلى كوارث أو تشكّل لهم أزمات كما يحدث عندنا، وذلك بسبب وجود البنية التحتية المهيئة لمواجهة هذا الكم الكبير من الأمطار الذي يتساقط لديهم في معظم شهور السنة. هذا العجز في البنية التحتية ليس حصراً بجدة 2009، وإنما نراه واضحاً في الوقت الحاضر في بعض محافظات المناطق الجنوبية والغربية، التي تشهد تغيّراً في كميات المطر الهاطلة خلال فصل الصيف، فتغرق الطرقات المتهالكة بالمياه التي لا تجد لها تصريفاً وتنهار الجسور وحواجز الطرقات وتكثر الحفريات وتنقطع الكهرباء، وتتعطل حركة المرور ويعجز الوصول للمستشفيات. وتتكرر حالات الغرق والوفاة من جراء السيول والانهيارات، وغير ذلك من المآسي والمصائب المتكررة في كل موسم. كل ذلك ينطبق عليه وصف الأزمة، ومع هذا لم نجد من المتحدثين المحليين (سوى من المسؤولين أو الأكاديميين) من تحدث بصراحة عن هذه الأوضاع أو قدم نقداً ذاتياً لهذا العجز المستمر، فكيف إذاً يكتسب هذا المؤتمر علميته وهو لا يتحدث عن القصور والعجز وطرق الخروج من ذلك؟. لقد اتصفت كثير من محاضرات ومداخلات المتحدثين المحليين بالثناء على الذات، والاعتداد بما أنجز واعتبار أنفسنا رواداً، وليس في ذلك عيب، فمن المهم في مؤتمر كهذا استعراض الإنجازات والاستفادة منها كدروس نتعلم منها ونعممها، ولكن أن يكون ذلك هو الطابع العام لما قيل في المؤتمر فهذا يحوله إلى مهرجان خطابي للاستعراض وليس مؤتمراً للمعالجة والوصول إلى ما يقلل أو يجنب من آثار وتبعيات الأزمات والكوارث، التي ليس بالضرورة أن تتكرر بنفس الصورة والحجم والتأثير، وقد لا تأتي من مسببات طبيعية، بل من صناعية أيضاً. فهل لدى الناس المقومات والمعرفة والوسائل في كيفية حماية أنفسهم وسبل الوقاية منها؟ وهل أجاب المؤتمر على هذه الأسئلة؟.