يترقب السودانيون قراراً حكومياً محتملاً برفع الدعم عن السلع الأساسية والوقود (البنزين والجازولين) بشيء من التوجس والخوف من انفلات أسعار السلع خاصةً بعد تصاعدها منذ عام 2011 وصولاً إلى أرقامٍ فلكية، في وقت أعلن فيه تحالف المعارضة أنه يرتب لتنظيم اعتصامات مناوئة لقرار الحكومة المرتقب لإجبارها على التراجع عن الخطوة، مبدياً تخوُّفه من اندلاع ثورة جياع. ويشهد السودان تدهوراً اقتصادياً منذ انفصال الجنوب عقب ذهاب ما قُدِّرَ ب 75% من إنتاج النفط الذي كان يغطي الاحتياجات الحكومية من النقد الأجنبي الموجَّه لاستيراد الغذاء والدواء. وقال المتحدث باسم تحالف المعارضة كمال عمر، إن الحكومة حققت إيرادات بقيمة خمسة مليارات جنيه من عائدات النفط خلال الموازنة الحالية، ما يعني حسب قوله أنها لا تدعم الوقود. واتهم عمر، خلال مؤتمر صحفي في الخرطوم أمس، الحزب الحاكم ب «اللامبالاة» حيال الأزمة الاقتصادية لأجل البقاء في كرسي الحكم على حساب المواطن، وقال إن زيادة الدولار الجمركي من أربعة جنيهات إلى ستة جنيهات انعكس على أسعار السلع الضرورية في الأسواق. وقلَّل المتحدث باسم المعارضة من نتائج المشاورات التي بدأها وزير المالية مع أحزاب المعارضة لحشد التأييد لقرار رفع الدعم وزيادة الأسعار، لافتاً إلى أن تلك التحركات قوبلت بالرفض، ومنوهاً إلى أن الحكومة تواجه أزمة وورطة حقيقية بسبب انهيار الموازنة وتوسُّع الصرف على الأمن والجيش. واتهم عمر الحكومة بتضليل الرأي العام لنشرها تقارير غير حقيقية عن نمو الاقتصاد السوداني خلال الأعوام الماضية، وطالبها بإعلان الفشل والتخلي عن السلطة. وأوضح أن الاقتصاد السوداني يواجه ركوداً ضخماً لتراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار، ورهَن معالجة الحالة والخروج من الأزمة بذهاب نظام المؤتمر الوطني الحاكم الذي قال إنه فقد ثقة مؤسسات التمويل الخارجية. إلى ذلك، أعلن الحزب الشيوعي رفض القرار الحكومي المرتقب برفع الدعم عن السلع والبنزين، ودعا المواطنين لمقاومته بمختلف أشكال النضال السياسي الجماهيري. واتهم المتحدث الرسمي للحزب الشيوعي يوسف حسين، الحكومة بالسعي لتحميل قوى المعارضة أوزار وخطايا سياساتها المتمثلة في تدمير ركائز الاقتصاد وانفصال الجنوب، ويأتي في هذا الإطار سعي الحكومة لتحميل الشعب عجز الموازنة، في الوقت الذي تهدر فيه أكثر من 70% منها في سياساتها الحربية والأمنية الرامية لحماية النظام. لكن رئيس اللجنة الاقتصادية في المؤتمر الوطني الحاكم الدكتور حسن أحمد طه، قال إن الحكومة لن تستطيع أن تستمر فى دعم المحروقات، مشيراً إلى أن القرارات الاقتصادية ستشمل رفع الدعم الكامل عن البنزين والتدريجي عن الجازولين والغاز، على أن يتم رفع الدعم تدريجياً عن القمح فى وقت لاحق، لافتاً إلى أن السودان يستورد سنوياً مليوني طن من القمح. وقال طه في تصريحات صحفية إن أموال رفع الدعم سيتم تخصيصها لسد عجز الموازنة ورفع الحد الأدنى للأجور وتوسيع الرعاية الاجتماعية وسداد الالتزامات الخارجية. من جهته، شكك أستاذ الاقتصاد في جامعة النيلين الدكتور حسن بشير، في أن يؤدي رفع الدعم عن المحروقات إلى إحداث استقرار اقتصادي، لافتاً إلى أن الحكومة لن تحقق أي هدف من هذه الإجراءات. وتوقَّع بشير أن تؤدي الإجراءات المرتقبة إلى انتقال الحالة الاقتصادية من أزمة مستحكمة إلى متاهة، ودعا إلى إعادة بناء كامل للدولة وسيادة حكم القانون ومحاربة الفساد والاستفادة من الموارد.