رغم صغر سنهم إلا أن شعور الحنين للوطن لم يفارق قلوبهم الصغيرة، أبناء المبتعثين يعُدون الأيام والليالي ويدعون لآبائهم بالتوفيق ليعودوا سريعاً إلى المملكة. «الشرق» التقت بعض هؤلاء الأطفال في مدارس كندا، وحاولت الدخول إلى عقولهم الصغيرة المشتعلة بحب العلم اقتداءً بذويهم. التحدث بالإنجليزية الطفلة نسرين عادل الجهني في الصف السادس بمدرسة (إيكل هايتس) تقول «جئنا مع والدي الذي يدرس الماجستير تخصص هندسة كهرباء من عام 2011، وأصعب ما واجهته بعد دخولي المدرسة هو اللغة الإنجليزية، فلم أكن أستطيع التحدث بها، ولكني تجاوزت ذلك بعد شهر، حيث بدأت أتكلم بشكل جيد، وحين لا أفهم ما يقولون أطلب منهم التحدث ببطء لأعي ما يقولون، وقد ساعدتني زميلاتي ومعلماتي في المدرسة على التحدث بالإنجليزية، وكن يصححن لي دائماً». وأضافت نسرين أنها أحبت مدرستها كثيراً، مشيرة إلى أن أكثر ما أحبته في كندا الثلوج التي تكسي الأرض والبيوت، كذلك الحدائق وملاعب الأطفال. وبيَّنت نسرين أن الدراسة في كندا أسهل بكثير من المملكة، فالطالب في المملكة عليه أن يحفظ كماً هائلاً من المعلومات، وعليه أن يحلَّ الواجبات المدرسية بشكل يومي ومرهق، بينما تعطي مدارس كندا الواجبات للطلبة بشكل مقنَّن، كما أن حقيبة المدرسة غير ثقيلة، ولا يحمل الطالب داخلها غير كتابين أو ثلاثة، مشيرة إلى أن المدارس في كندا لا تتبع أسلوب الضرب أو القسوة والتوبيخ مع الطلاب، بل تعيد المعلمة شرح الدرس مرة ومرتين بهدوء حتى يفهم الطالب. وبينت أنها كوَّنت صداقات كثيرة مع الطالبات في المدرسة، العربيات والكنديات، تقول «الكنديات أحب إلى قلبي من العربيات، لأنهن لطيفات جداً في التعامل معي». مبينة أنها تحنُّ إلى المملكة كثيراً، وحين تعود ستزور أقاربها والحرم الشريف في مكةالمكرمة. سينما للأطفال ويؤيد فيصل أخته نسرين، وقال إن أكثر ما أحبه في كندا هو الثلج، إضافة إلى احترام قوانين المرور والإشارات وعدم تجاوزها، كما أن ما لفت انتباهه أنظمة الوقاية (SAFTY) الموجودة في مدن الألعاب، وهي ما تفتقر إليه مدن الألعاب في المملكة، وأضاف أن في كندا كثيراً من السينمات المخصصة للأطفال، يقول «أستمتع كثيراً عند زيارة السينما، خاصة التي تستخدم نظام (HD)، وكم أتمنى لو أن لدينا مثلها في المملكة». وأكد أن معلمته ساعدته كثيراً في تعلم اللغة الإنجليزية. يقول «أغلب أصدقائي كنديون، وهم كثيرون، آدم وول ووايت وكولن»، مشيراً إلى أنهم يلعبون معه كرة القدم دائماً رغم أن اللعبة الشعبية المحبوبة في كندا هي الهوكي. حماسٌ للمدرسة وقالت رهف الجهني في الصف التاسع (مدرسة بيل) «كانت فكرة المجيء إلى كندا كالرعب بالنسبة لي، إلا أني اعتدت على الوضع بعد دخولي المدرسة، خاصة وأن فيها تُقام كثير من الفعاليات التي تشوق الطالب وتزيد حماسه للحضور إليها، بعكس مدارس السعودية، التي ليس فيها إلا فسحة قصيرة، ما يولد مللاً في نفوس الطلاب، غير أن على الطالب في المملكة أن يدرس في الفصل الدراسي الواحد 18 مادة دراسية ولا يوجد اختيار للمواد الدراسية كما في كندا. أفتقد صديقاتي وبينت الطفلة ود طارق الشيخ في الصف الرابع بالمدرسة الإسلامية في كندا، أن والدتها تدرس الدكتوارة تخصص لغات، ووالدها يدرس الماجستير في إدارة الأعمال، مبينة أنها تفتقد صديقاتها في المملكة، وعائلتها الكبيرة، وتحنُّ كثيراً للعودة إليهم، تقول «كان التواصل مع زميلاتي في المدرسة هنا يشكل أزمة كبيرة بالنسبة لي، ولكني تجاوزت هذه العقبة بعد تعلم اللغة الإنجليزية بمساعدة معلماتي وزميلاتي»، وأضافت «بعد فترة قصيرة من التحاقي بالمدرسة أصبح لدي كثير من الصديقات بعضهن من المملكة، وأخريات مسلمات من باكستان ولبنان، وتعجبني في كندا المكتبات العامة كثيراً، فهي مرتبة وفيها كثير من الكتب في مختلف التخصصات، وأجمل ما فيها قصص الأطفال والفعاليات التي تقدمها»، مشيرة إلى أن والدها حرص على تسجيلها في المدرسة السعودية والإسلامية معاً، لتتعلم العلوم الدينية، رغم الكلفة المادية الكبيرة التي يتكبَّدها، وأوضحت أنها مشتاقة كثيراً لبحر جدة، فالجلوس عنده له مذاق مختلف. وتتمنى ود أن تصبح دكتورة في المستقبل، ولكنها تريد دراسة الطب في السعودية. نسرين وفيصل الجهني (الشرق)