من آثار خضوع العقل الأيديولوجي للمسار الاجتماعي إلغاء دور المنطق في عمليات التفكير والموازنة وهذا بدوره فرّغ ساحة المجتمع من النزعات الفكرية المستقلة ورسّخ مكانها الخرافة وخاصةً الخرافة الأيديولوجية المطروحة بمعطى ديني، مما ساعد في انتشارها بدرجة كبيرة بالتالي ساهم في تشظي الفكر العلمي بعد ألف وأربعمائة عام من الدعوة الإسلامية المباركة التي جاءت لتسمو بالإنسان وترتقي بتفكيره، ولكننا بعد ضعفنا لجأنا للخرافة ومسحناها بمسحة دينية فامتد سور الخرافة العظيم وحال بيننا وبين التعقل، وفي هذا السياق كثير من القصص الخرافية التي تداولناها بشغف في السنوات الماضية أذكر منها قصة الفتاة العمانية التي مسخها الله لحيوان ثم اتضح فيما بعد أنها مجسم في متحف أسترالي. حتى وقت قريب كنت أظن أن هذه النوعية من الرسائل انقرضت بعدما من الله علينا بوسائل التكنولوجيا الحديثة، ولكنني فوجئت ببرودكاست أرسلته صديقتي مفاده: أن هناك عالماً يهودياً يُدعى كارنار دخل في الإسلام بعدما اكتشف أن الحجر الأسود يسجّل كلّ من قبّله وأنه يطلق 20 شعاعاً غير مرئي في اتجاهات مختلفة وكل شعاع يخترق 10 آلاف رجل وهذه الحقيقة أخفتها أمريكا لئلا يدخل الناس في الإسلام. كتبت لصديقتي تعليقاً: إذا حدّث الجاهل بما لايُعقل وصدّق العاقل فلا عقل له. فقالت: هل تشكين أن الله على كلّ شيء قدير؟ قلت يحكى أن هناك قاضياً ظالماً مرّ بمحل شواء فقال القاضي للشوَّاء: ماذا لديك؟ قال الشوَّاء: دجاجة أتى بها صاحبها مذبوحة ويريدني أن أشويها له قال القاضي: أرسلها لي إذا انتهيت من شوائها قال الشوَّاء: وإذا أتى صاحبها؟ قال: قل له إنها طارت قال: طارت كيف تطير وهي مذبوحة قال القاضي: أليس الله على كلّ شيء قدير ألم يحي الله طير إبراهيم كيف لايستطيع إحياء دجاجتك؟ قال: ولكن قال القاضي: اصمت وإلا تزندقت ولا تخف كلّ ما سيأتيك بسبب الدجاجة سأخرجك منه، ومضى القاضي جاء صاحب الدجاجة فقال له الشوَّاء: دجاجتك طارت قال: طيّر الله رأسك كيف تطير وهي ميتة؟ والدجاجة حتى وهي حية لاتطير قال: الله يحيي الموتى, وهو على كلّ شيء قدير قال: أنا سأقتلك وسأرى كيف يحييك الله هرب الشوَّاء ولحقه صاحب الدجاجة، وفي الطريق كان رجل يسير مع زوجته الحامل ارتطم الشوَّاء بزوجته فسقطت وسقط جنينها، ومع راعي الدجاجة صار زوج الحامل يطارد الشوَّاء حتى حاصراه في مسجد فقفز من منارته وسقط على عجوز فأماته وطارد أبناء العجوز الشوَّاء مع صاحب الدجاجة. كان جحا حينها على حماره، وبينما الشوَّاء يهرب أمسك بذيل الحمار فقطعه، جمعت الشرطة هؤلاء الذين أثاروا الشغب في المدينة وأحضروهم للقاضي، ثم بدأت المرافعات قال صاحب الدجاجة: ياسيدي القاضي أتيت بدجاجتي المذبوحة له فقال طارت قال القاضي: هل تشك في قدرة الله؟ قال: ونعم بالله قال القاضي: الله يريد أن يبتليك, إما أن تدفع مئة درهم لإزعاجك السلطات أو تسجن بتهمة الزندقة دفع مئة وخرج قال الثاني: يا شيخ أسقط ولدي قال القاضي: بما أنه أسقط ولدك، يأتي لك برجل يجامع زوجتك حتى تحمل منه ولداً قال: هذا لايصح قال القاضي هذا الحكم مئة درهم أو السجن دفع مئة وخرج الثالث: يا سيدي القاضي وقع على والدنا فأماته القاضي: إذن ينام تحت المنارة، وأنتم تتساقطون عليه قالوا: ولكن سنتكسر قال: مئة درهم أو السجن دفعوا وخرجوا ارتبك جحا فقال له القاضي: وأنت ياجحا قال: الحمد لله الذي خلق حماري بلا ذيل قال القاضي: سبحان الله حمار بلا ذيل قال جحا: الله الذي أخرج الدجاجة من الفرن وجعلها تطير، قادر على أن يخلق حماراً بدون ذيل فإن الله على كلّ شيء قدير لذلك يا صديقتي: (كارنار) ليس عن جحا ببعيد.