تبدو الولاياتالمتحدة في غاية الحرج، إذ إن ضربة عسكرية ضعيفة لسوريا لا تقضي على النظام السوري بل ستقلل من أهمية التدخل العسكري الأمريكي في المستقبل مما يقوي إرادة وعزيمة الحركات المناهضة لها ولحلفائها في المنطقة. في حين أن ضربة عسكرية عنيفة ستتطور لتوسع دائرة الصراع لتشمل حزب الله والأردن وإسرائيل وربما إيران فتدخل المنطقة في حرب مدمرة تزعزع الإقليم برمته لسنوات طويلة. الهدف المعلن من الحرب هو تدمير السلاح الكيماوي، لكن نتائج الضربة ستكون مدمرة وأكثر كارثية من بقاء السلاح في يد النظام السوري؛ فتدمير الأسلحة الكيماوية المتكدسة بكميات هائلة سيؤدي إلى كارثة إنسانية، فكيف إذا استخدم الجيش السوري جزءاً منها للرد على الهجمات؟ إضعاف الجيش السوري جراء الهجوم سيعزز فكرة تقسيم الدولة السورية على الأقل إلى أربع دويلات، لأنه لن يكون قادراً بعد اليوم على ضبط الحركات المسلحة والانفصالية داخل أراضيه. المشهد نفسه سيتكرر طبعاً في حال قضي على النظام وليس فقط في حال تمت معاقبته. الأردن، مضطر إلى إنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي السورية تمهيداً لعودة اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيه، فأزمة اللاجئين السوريين في الأردن وصلت إلى مستويات خطيرة. هذه الخطوة خطيرة ودقيقة، وإذا حدثت مبكراً فقد تقحم الجيش الأردني في الحرب. لا أجد فزعاً إسرائيلياً من الحرب، ولا توجد مظاهر خوف منها سوى الإجراءات الروتينية إبان الحروب ومنها تأمين أقنعة الغاز. هناك احتمال للتحرك الأمريكي المنفرد دون انتظار قرار مجلس الأمن مما يدل على أن خطة الضربة كانت سابقة لاستخدام السلاح الكيماوي لأن واشنطن لا تريد انتظار نتائج التحقيق التي قد تكون سلبية أو إيجابية، ويعزز هذا الاحتمال أن الأسطول السادس وباقي القوات الأمريكية البرية بلغت ذروة قوتها وتحشيدها قبل أن يتم استخدام السلاح الكيماوي بأسابيع وهي موجودة برياً على الأراضي الأردنية منذ شهور. زمن تحريك القوات الروسية من أجل أحد ولىَّ إلى غير رجعة. لا أعتقد أن الضربة العسكرية ستشمل النظام السوري وحده وإنما قد تتطور لتشمل الشق الراديكالي الإسلامي من معارضيه المتمثل في جبهة النصرة. الحرب على سوريا لن تجني فائدة واحدة وستكون عواقبها وخيمة لأنها أتت متأخرة جداً بعد عامين ونصف، وخلال ذلك حدثت تغيرات هائلة في البنية السورية، ولا يمكن أن يكون هناك بارقة أمل في الحفاظ على الدولة السورية إلا بالحل السياسي، لأن الحل العسكري سيجعلها أسوأ من العراق بعشرات المرات.