تركي محمد الثبيتي إن دول الخليج العربية سعت سعياً حثيثاً إلى استغلال كل العوامل والظروف لغرض استثمار جميع مواردها الاقتصادية أو البشرية، والابتعاد عن العوامل التي تساعد على زيادة النفقات والاستهلاك، ولعل الطفرة المالية الكبيرة التي شهدتها دول المنطقة منذ بداية حقبة السبعينيات لأسعار النفط بعد حرب أكتوبر 1973م من العوامل الرئيسية التي جعلت دول الخليج تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة إليها، وذلك لمساعدتها في بناء مجتمعاتها، ولتنفيذ عديد من البرامج التنموية مثل تعبيد الطرق، وإقامة الجسور، وغيرها من مشاريع البنية التحتية الأساسية كون الأيادي الوطنية لا تملك المهارات والتدريب والتأهيل للقيام بهذه المشاريع . اعتماد دول الخليج على العمالة يزداد سنويا، ما أدى إلى حدوث تغير في التركيبة السكانية (الديمغرافية)، واستنزاف خيرات دول المنطقة وانتعاش اقتصاديات الدول الموفدة للعامل. أجريت دراسة قام بإعدادها (اتحاد الغرف الخليجية عام 2008م) وقالت نتائج تلك الدراسة: إن هناك جهودا بذلت ومازالت تبذل في سبيل إيجاد حلول لتلك المشكلات، ولكن دول الخليج مازالت تفتقد إلى وجود استراتيجية موحدة وشاملة لمعالجة الخلل في العمالة الوافدة وقد عُرضت تجربتا المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين في كيفية الحد من التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للعمالة في كلا الدولتين، ومن أبرز تلك التوصيات التي عرضت: تنفيذ حملة وطنية لحصر وتسجيل وتوظيف المواطنين في القطاع الخاص. الحد من استقدام العمالة الوافدة. في السعودية، قصر العمل في بعض المهن على السعوديين. في البحرين، إنشاء هيئة تنظم سوق العمل بهدف إيجاد الاستراتيجيات والخطط اللازمة للارتقاء بسوق العمل. وغيرها من التوصيات… هناك اليوم حوالي 16 مليون وافد في دول الخليج، تشير الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية، إلى أن نسبة العمالة الوافدة في السعودية حوالي 50%، وفي الكويت 60%، وفي البحرين 50%، وفي عمان 30%، وفي قطر 85 %، وفي الإمارات 90%! لا جدال في أننا أمام وضع خطير جدا، وفي تصريح للدكتور مجيد العلوي وزير العمل البحريني السابق، يقول: ما نشهده حاليا يثير القلق لكل من يهتم بصدق بمستقبل وتطور وتقدم مجتمعات الخليج العربي. إذ نلاحظ أن هناك سباقا غير متكافئ بين معدلات النمو السكاني للمواطنين التي تتراوح بين 2 – 3% سنويا ومعدلات نمو السكان غير المواطنين التي تبلغ حوالي 6 – 8% سنويا، أي ما يقارب ستة أضعاف المعدل العالمي البالغ 5.1%… انتهى هذا الاتجاه الذي طرحه الدكتور العلوي سيؤدي إلى استمرار تقلص نسبة المواطنين إلى الدرجة التي يصبح فيها وضعهم مهددا بالتحول إلى أقلية بصفة دائمة.