غداً الجمعة، تنطلق في الإمارات حملة تطوعية لتنظيف الصحراء. بدأت الفكرة بتغريدة -عبر تويتر- للشيخ عبدالله بن زايد قبل أيام وخلال ساعات أصبحت حديث المجالس في الإمارات وخارجها. الفكرة هنا تتعدى الفعل إلى تأسيس ثقافة تشجع المجتمع على التطوع. إنها أيضاً مبادرة ترفع من مستوى “روح الفريق الواحد” عند شباب اجتمعوا على هدف محدد وقرروا طواعية تحقيقه. من مسؤوليتنا أن نشجع الأفكار التي تحث على العمل الجماعي والتطوعي. أتذكر أيام الدراسة في أمريكا كيف كان الطالب الأمريكي يحرص على أن يؤدي أعمالاً تطوعية قبل تخرجه من الجامعة، حتى ظننت أن العمل التطوعي من شروط التخرج. الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر كان يقود آلاف المتطوعين لبناء بيوت للفقراء في المدن والضواحي الأمريكية الفقيرة. وهناك مبادرات تطوعية لرعاية المسنين أو تدريب أطفال الأسر الفقيرة ناهيك عن تنظيف المنتزهات والميادين العامة. أفرح كثيراً وأنا أشاهد مجموعات شبابية في الخليج تحتفي بالتطوع وتبادر له. في جدة، أثناء كوارث السيول، لعبت فرق المتطوعين من الشباب، أولاداً وبنات، أدواراً مهمة في عمليات الإنقاذ والإسعاف والمساعدة. وفي الإمارات، لا تخلو فعالية من وجود طاقات شبابية متطوعة تسهم في التنظيم واستقبال الضيوف ومساندة المنظمين. وحينما نحتفي بمبادرات تدعم العمل التطوعي في المجتمع، فإننا في ذات الوقت نعيد إحياء مبدأ نبيل كان أجدادنا في الجزيرة العربية يؤمنون به في حياتهم اليومية، كما لو كان من شروط البقاء. كانت الناس تتطوع لبناء البيوت والمحافظة على البيئة و”تفزع” للمحتاج من قبائلها أو القبائل المجاورة من دون شروط. افزع لي اليوم أفزع لك غداً. وحينما يخرج الآلاف من شباب الإمارات ظهر الغد لتنظيف الصحراء في بلادهم، فإنهم فعلاً يحيون تراث أجدادنا الذين تعاملوا بوفاء مع الطبيعة التي رعوها فرعتهم. فعلاً: يعطيكم العافية!