“سني والا شيعي؟” .. وصلَ إلى هذا السؤال بعدَ مقدمةٍ وافيةٍ أقدرُ لهُ فيها تمهيدهُ “الطويل”، حتى يستطيعَ الوصول لسؤالٍ كهذا. أجبته عن سؤال الهوية الطائفية الذي لا أحبُّ عادةً الإجابةَ عليه!. فزميلي في الدراسة أرادَ اختبار هويتي، ليتأكد من حقيقةِ دوافعي قبلَ أن يتقدمَ لتعزيز العلاقة ثمَّ يندم على ذلك. على كلِّ حال بعدَ الإجابة عن سؤال الهوية، أخبرتهُ عن الشرق وكيفَ يبدو الشرق، الشرق الذي يحتضنُ نسيجهُ الاجتماعي المتعدد، على الساحلِ البهيّ، فوقَ أرض الثروة. في الشرق تتعدد الأطياف الاجتماعية مناطقياً وطائفياً، لكنها هناك تجتمع على أساس وطنيّ جامع، بمعنى أنكَ لن تُفاجأ، إذا صادفتَ إنسانَ الجنوب، والشمال، والوسط، والغرب، إضافةً إلى إنسانِ الشرق، في أحد مجالس “الخبر” مثلاً، ثم تكتشف أنهم أتموا سنوات وهم مجتمعون على عهدِ الصداقة، منذُ أيامِ الدراسة، لم تفرقهم أصولهم المناطقية، أو حتى الطائفية في بعض الحالات، هم هكذا جزءٌ من نسيجٍ جميلْ، يخلقُ وطناً متعدد الثقافات والمشارب، يجتمعُ على جوامعه الوطنية. في الشرق يتفقُ أهلُ الشرق على نبذِ “رسلِ” القطيعة، يؤمنون بتواصلهم الاجتماعي وثقافتهم المشتركة ومجتمعهم الواحد، يتأثرونَ أحياناً بموجات مواسمِ الكراهية التي يستغلها متشددو كل فريق، لكنهم بعدَ ذلكَ يُحاولون ما أمكنهم العودة إلى ذات المشترك، للحفاظ على ذات التواصل والحياةِ التي تجمعهم معاً، وهم يأملونَ أن الغدّ يحملُ فرصةً لعدالةٍ منصفةٍ لجميعِ من يشتركُ الحياة على ذات الأرض بحقوقٍ كاملة لكل أهله. في الشرق على امتداد الساحل من حفرِ الباطن شمالاً حتى سلوى جنوباً، نسيج متعدد بينَ حاضرةٍ وبادية بتاريخٍ عريق وأصالةٍ ممتدَّةٍ حتى اليوم، في الشرق تاريخ “أجود بن زامل الجبري” وقلعة رحمة الجلاهمة وعهدُ عبدالقيس في جواثا وانفجار أول قطرة نفط في بئر “الدمام7′′. الشرق يحملُ رسالته بصيغتها الجامعةِ لكل الوطن، لا يشترطُ تصنيفَ إنسانه ليجتمعَ معه في ذات المشترك، يؤمنُ بالجوامعِ الوطنية على أساس الفرص المتساوية للجميع، ويسعى لتحسينِ حاضره وخلقِ مستقبلٍ بهيٍّ لأبنائه .. هكذا بدا الشرق .. منَ الشرق لكلِّ الوطن.