عاش المئات من المواطنين والمقيمين والزوار أجواء روحانية وهم يدلفون خلال أيام عيد الفطر بين جدران الطين لمسجد جواثا الأثري في الاحساء. وشهد المسجد خلال الأيام الماضية تدفق أعداد كبيرة من الزوار برفقة عائلاتهم، الذين أمضوا ساعاتهم في التنقل بين المسجد والحديقة المجاورة التي تضم العاب أطفال واستراحات وجلسات طبيعية. وعاش زوار ثاني مسجد أقيمت فيه صلاة الجمعة في الإسلام بعد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتاً مليئا بالسعادة والتأمل في أبعاد المكان الدينية والتاريخية، وتركوا لذاكرتهم العنان في استعادة تاريخ المسجد وارتباطه بالعصر الإسلامي الأول، حينما شيدته قبيلة بني عبدالقيس بعد وفادتهم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. زوار المسجد من مختلف الجنسيات ويتناقل الأحسائيون قصة بناء المسجد والوفادة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم من باب المفاخرة بهذا التاريخ الذي يدل على تمسكهم بالإسلام منذ بداية ظهوره، وتحكي القصة أن حاكم بني عبد القيس، المنذر بن عائد الملقب ب»الأشج»، وصل إليه خبر ظهور رسول بعثه الله إلى العالمين، فما كان منه إلا أن أرسل رجالاً إلى مكةالمكرمة، لاستجلاء الأمر، وحين عادوا بالخبر أسلم طوعاً، وأقام هذا المسجد الذي كان جزءا من مدينة جواثا التاريخية التي كانت تقطنها القبيلة وتمثل مركزا تجاريا مهما، حيث تقصدها القوافل التجارية وتعود منها محملة ببضائع التمور والمنتجات الزراعية والعطور وظل الاسم حتى يومنا هذا. المسجد من الخارج وحولت وزارة الزراعة قبل أكثر من 40 عاماً المنطقة المحيطة بالمسجد إلى منتزه سياحي يقصده الكثيرون. وكان المسجد قد أدرج ضمن البرنامج الوطني للعناية بالمساجد العتيقة الذي تتبناه مؤسسة التراث الخيرية، بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ويهدف إلى العناية بالمساجد ذات الخصوصية العمرانية المحلية في مناطق المملكة المختلفة، التي تحتاج إلى عناية فائقة وإنقاذ سريع، وإعادة تهيئته، وقد تكفلت الهيئة الملكية للجبيل وينبع بتكاليف ترميم المسجد، وشهد بعد اكتمال الترميم زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار وأدى الصلاة فيه، بعدها جاء توجيه صاحب السمو الأمير بدر بن جلوي محافظ الاحساء رئيس مجلس التنمية السياحية في المحافظة بافتتاحه أمام الزوار بعد سنوات من إغلاقه أمامهم للترميم. وتزامن مع ترميم مسجد جواثا ترميم مساجد أخرى، اثنان منها في قرية التهيمية، والثالث في العقير، والرابع مسجد الجعلانية الذي بني في العام 496ه في قرية البطالية. كما تزامن مع ترميم المسجد إكمال أمانة الاحساء للطريق المؤدي للمسجد، حيث أصبح طريق جواثا من أبرز وأجمل الطرق في المحافظة من حيث السعة والأرصفة والتشجير والإنارة، مع وجود مساحات خاصة لممارسة رياضة المشي التي ظلت الاحساء طيلة السنوات الماضية تفتقر لمثلها ،مما أعطى الطريق جمالية أخاذة وأثنى الجميع على جهود الأمانة التي جعلت من الطريق واجهة تليق بمكانة مسجد جواثا التاريخية والسياحية والدينية.