يبدو أن حقبة الإسلام السياسي في الحكم انتهت قبل أن تبدأ، عامٌ واحد من حكم الإخوان المسلمين في مصر كان كفيلاً بوأد التجربة، أخطاءٌ وعثرات ساهمت في عزل الدكتور محمد مرسي بقرارٍ من الجيش المصري، هو زلزال سياسي بكل معنى الكلمة، تبعاته وصلت إلى معظم العواصم العربية وبالتحديد عواصم الربيع العربي. حينما اندلعت ثورات الربيع بدا الإخوان في صدارة المشهد السياسي بحكم التجربة والتنظيم، كان من الطبيعي أن يصلوا إلى السلطة قبل غيرهم، إلا أن أداءهم لم يكن مريحاً لا لجمهورهم ولا لمعارضيهم، علاقاتهم بالداخل والخارج جاءت سلبية، خلقوا لأنفسهم أكثر من عدو، وباتوا هدفاً للحراكات الشبابية ما عجّل في سقوطهم في زمنٍ قياسي. أبناء حسن البنا الآن في أضعف حالاتهم، رئيسهم في مصر أُجبِر على ترك موقعه في سدّة الحكم، قياداتهم قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى المعتقلات، الأسوأ بالنسبة لهم أنهم صاروا شبه منبوذين، وبالتالي قد لا تقوم لهم قائمة لعقود. إخوانهم في تونس يرددون «تونس ليست مصر» ويتخوفون في الوقت نفسه من حركة «تمرد تونس»، مجموعةٌ من الناشطين الشباب قرروا استلهام الحالة المصرية، وبدأوا بجمع التوقيعات لسحب الثقة من المجلس التأسيسي التونسي اعتراضاً على آلية صياغة الدستور، أما إخوانهم في غزة (حماس) فيرقبون المشهد في صمتٍ رهيب، يخشون من دعم الأخ الأكبر في القاهرة مخافة نقمة الإدارة المصرية الجديدة عليهم. في الأردن أيضاً لا يبدو الإخوان أفضل حالاً بعد سقوط «الأنموذج»، ففي حين يهوِّن الرجل الثاني في الفرع الأردني زكي بني أرشيد من صعوبة الموقف، يؤكد آخرون أن الجماعة قررت خفض الرأس قليلاً حتى تمر العاصفة، فلديهم مخاوف حقيقية من حظر نشاطهم بقرارٍ من السلطات. التقهقر كان أسرع من توقعات المعارضين، واحتمالات العودة ضئيلة، وتغلفها مخاوف من بقية الأطراف لن تزول بسهولة.