فهد الأحمري ثقافة الاعتذار ثقافة جميلة لا يحسنها مجتمعنا إلا ما ندر، رغم أنها تملأ مصادرنا الشرعية، بيد أننا في وضع التطبيق قد لا نجدها حتى من بعض أولئك الذين يصدحون بأهمية تطبيق التعاليم والقيم الشرعية وجوباً وندباً واستحباباً وغيرها من المصطلحات الموجودة في الكتب وعلى طرف ألسنة الوعاظ. الاعتذار بالتأكيد فضيلة، ولكن أين هي من قاموس من يدعي الفضيلة ثم لا تجد لها تطبيقاً عملياً في سلوكه؟ الاعتذار منقبة لا منقصة، وقيمة أخلاقية سامية نحتاجها دوماً وأبداّ لسبب بديهي واحد: هو أننا خطاءون، وخير الخطائين التوابون، وخير الخطائين المعتذرون للمخلوق. ولكون الخطأ جزءاً من تركيبتنا السلوكية حيث الطبيعة البشرية المرتبطة بكثرة الأخطاء، لهذا كان الاعتذار بمنزلة تعويض عن الخطأ للطرف الآخر. ثقافة الاعتذار تثقل كواهلنا لصلافة الإنسان العربي وعنجهيته. ويرى كذلك أن الاعتذار بمنزلة الانكسار والضعف غير اللائقين بالرجل الشرقي صاحب الأنفة والتعالي والسمو. الاعتذار صفة الواثق من نفسه، المتصالح مع ذاته، المحب لمجتمعه، يسمو بتفكيره الإيجابي، تسيّره مبادئ ومنطلقات راقية. بينما من تنقصه هذه المبادئ، تجده يهرب للأمام إلى حيث المبررات والمكابرة، وينكشف لديه ضعف البنية الثقافية في التعامل مع السلوك الخاطئ، حتى إن تقلد النعوت العلمية العالية والحضور في المشهد العام كنجم من نجوم المجتمع الفاضل. وجد في المجتمع عينات لا يمكن أن تُقدم على الاعتذار حتى إن وصل بها الأمر إلى المحاكم الشرعية، وحتى إن تدخل الفضلاء والوجهاء لسحب الاعتذار منها، وكأنك تسحب روح الشخص من جسده، أو تسحب من رصيده البنكي، بل وربما دفع الأموال الطائلة في تجييش المحامين للدفاع عن خطئه، وكان ذلك أهون على نفسه المتعالية من الإقدام على الاعتذار!. الاعتذار مسلك حضاري ينم عن تقدير الإنسان لذاته واحترامه لغيره، لكونه يشعر الطرف الآخر بإعادة اعتباره ورضاه واستقراره، فلا يليق بصاحب عقل وفضل أن يترفع عنه، وقد قال عمر -رضي الله عنه-: «أعقل الناس أعذرهم لهم». عزيزي الرافض لمبدأ الاعتذار: إذا كان الاعتذار ثقيلاً على نفسك فإن الخطأ أثقل على الناس!.