قد ظهر لنا أثر الفلسفة على أهل الإسلام، سيما المسلمين، وأنها ورثتهم الزندقة والشك كذلك التصوف الفلسفي على أيدي ابن سبعين الذي أصل الاتحاد فقال الوجود بأسره هو الحق، وإن الكثرة خيال، بل جميع الأضداد شيء واحد هو المعبود، وهم طائفة ابن عربي الطائي صاحب الفتوحات المكية وفصوص الحكم قد أتى بكفر لا يشبه كفر اليهود والنصارى فإنهم خصوا الحلول والاتحاد بشخص معين، وهؤلاء جعلوا الوجود بأسره المعبود، وأصل هذا المذهب الملعون انتحله ابن سبعين من الفلسفة فتولد له الإلحاد من ذلك، وكان يعرف السحر ويلبس على الأمراء والأغنياء، ويزعم أنه أحوال وأقام بمكة يذهب لغار حراء ينتظر الوحي لينزل عليه؛ لأن النبوة مكتسبة وأنها فيض على القلب الصفافي من العقل العاشر الفياض نظرية الفارابي وأفلاطون، وكان إذا رأى الطائفين حول الكعبة يقول هم الحمير حول المدار، وأنهم لو طافوا بي كان أفضل من طوافهم بالبيت، والعفيف التلمساني الاتحادي يدعى العرفان؛ كان يتعاطى الخمر ودخل الروم وعمل الخلوة القائل إلى الراح هبوا حين تدعو المثالث فما الراح للأرواح إلا بواعث هي الجوهر الصرف القديم، فإن بدت لها حبب زينت بها وهو حادث كان متقلبا في أحواله فتارة يكون شيخ زاوية وتارة يشتغل في الخدم قدم القاهرة حضر مجلس مغن مليح فشاع عنه أنه قبل المغني وقال أنت الله فرمى الصبي الطار من يده وأصبح أهل المجلس يتحدثون بما قاله فخاف على نفسه وخرج فارا للشام قال المراغي قرأت على العفيف التلمساني من كلامهم شيئا فرأيته مخالفا للكتاب والسنة فلما ذكرت ذلك له قال القرآن ليس فيه توحيد بل القرآن كله شرك ومن اتبع القرآن لم يصل إلى التوحيد قال قلت له ما الفرق بين الزوجة والأجنبية والأخت الكل واحد قال لا فرق بين ذلك عندنا وإنما هؤلاء المحجوبون اعتقدوه حراما فقلنا هو حرام عليهم عندهم وأما عندنا فما ثم حرام وقال المراغي كنت أقرأ عليه في ذلك فإنهم كانوا قد عظموه عندنا ونحن مشتاقون إلى معرفة فصوص الحكم، فلما صار يشرحه إلي أقول هذا خلاف القرآن والآحاديث فقال ارم هذا كله خلف الباب وأحضر بقلب صاف حتى تتلقى هذا التوحيد ثم خاف أن أشيع ذلك عنه فجاء إلي باكيا وقال استر عني ما سمعته مني. إن الوجود واحد، ويقولون: إن وجود المخلوق هو وجود الخالق، لا يثبتون موجودين خلق أحدهما الآخر، بل يقولون: الخالق هو المخلوق، والمخلوق هو الخالق. ويقولون: إن وجود الأصنام هو وجود الله، وإن عباد الأصنام ما عبدوا شيئا إلا الله ويقولون: إن الحق يوصف بجميع ما يوصف به المخلوق من صفات النقص والذم. ويقولون: إن عباد العجل ما عبدوا إلا الله، وإن موسى أنكر على هارون؛ لأنه أنكر عليهم عبادة العجل، وفرعون كان صادقا في قوله: أنا ربكم الأعلى بل هو عين الحق ويقول أعظم محققيهم: إن القرآن كله شرك، لأنه فرق بين الرب والعبد؛ والتوحيد كلامنا وصرح ابن عربي وغيره من شيوخهم بأن الله يجوع ويعطش ويمرض ويبول ويَنكح ويُنكح وأنه موصوف بكل عيب ونقص؛ لأن ذلك هو الكمال، كما في الفصوص، فالعلي بنفسه هو الذي يكون له الكمال الذي يستقصى به جميع الأمور الوجودية، والنسب العدمية سواء أكانت ممدوحة عرفا وعقلا وشرعا، أم مذمومة عرفا وعقلا وشرعا وليس ذلك إلا لمسمى الله خاصة.