حرارةُ الأجواء -فوق العادة- تستدعي منك استحضار يوم الحساب، ونار الآخرة، ولا أعتقد أن هناك مؤثرا أقوى من الصيف لتتخيّل كيف هي (جهنّم) مقارنة بنار الدنيا التي هي جزء من سبعين جزءا من نار الجحيم. وبما أن الإجازة وشدة حرارة الصيف (متلازمتان)، ومطلوب من الإنسان أن يُنفِّس ساعةً، ويجتهد في أخرى.. فما العمل؟ كان الشباب في معظم أحواشهم، ومقاهيهم التي يرتادونها، يغلب عليهم جوّ الطرب، واللّفلفة على قنوات (غنوة) وأخواتها من قنوات الرقص! وقد ترى من هو ساهٍ في التفكّر في ضيق حاله، وضغوطات الحياة اليوميّة، وشاشته ثابتة على منظر لنمرٍ يجري في الهواء الطّلق على قناة (ناشيونال جيوجرافيك)! وبالمناسبة، فهذه القناة تقدّم برامج ساحرة، ومثيرة -لتتفكّر في خلق الله- عن أنواع الحشرات والصراصير المثيرة، وتشاهد فيها حيوانات لم تسمع بها من قبل، ولا حتى في كتاب العلوم والأحياء، وبكاميراتٍ بدقّة عالية؛ تنتقل بك بين مناطق غاية في الجمال، والخضرة، وبين أعماق البحار والمحيطات.. إلى الثلوج، إلى أدغال إفريقيا وصحارٍ… من كل أنحاء العالم. يهرب الشباب من الواقع ليأسهم من إصلاح العالم، الذي يموج بالاضطرابات، ويلجأون للقنوات هربا من فعاليات الصّيف (الوهمية).. فهيّا نتفرّج على الطبيعة! قد يؤمّل الشباب كثيرا – بعد مللهم من الكرة – في مراقبة (الحيوانات) و(مشاريعها) في البيئة! لو عُدتَ لواقع فعاليات الصيف، ستجد إحدى الفعاليات خصّصت محاضرة كاملة بعنوان: (وإن منكم إلا واردها).. ولو كان لي من الأمر شيء لقلتُ: «كفى (بالصّيف) واعظا»! ناشيونال جيوجرافيك: ارحمينا من مناظرك الخلاّبة.. ومن حيواناتك! «حنّا ما عندنا إلا «أبساس» = (قِطط)، وحَمَام… «بِسَس».. «عراري» وحَمَام!».