سعود سيف الجعيد في ليلة من ليالي الجحود وفي يوم من أيام العقوق رحلت العمة مستورة، رحلت وهي تقول في نفسها لماذا يا أبنائي؟ لماذا يا أقاربي؟ لماذا يا إخواني لماذا تركتموني أموت وحيدة؟ لماذا وأنا التي أفنيت شبابي من أجلكم؟ كم تحملت من اللوعات والأحزان من أجل إسعادكم! في خريف العمر وفي وقت كنت أحتاجكم فيه رميتم بكل الحب وبكل الوفاء، وكان ردكم قاسيا مؤلما لم أكن أطلب منكم كثيرا، كنت فقط أريد أن أموت بينكم، كنت أريد أن أشبع نظري منكم، كنت أريد أن أودعكم، كنت فقط أود أن أعانقكم وأن تلمس يدي أيديكم، هل في هذا مشقة عليكم؟ لا أدري ماذا أصابكم يا أحبائي! هل علمتكم الحياة كل هذه الصفات السيئة التي أجدها اليوم أمامي؟ وهل استكثرتم على هذه اليد التي مسحت دموعكم والتي أعطتكم كل حرارة الحب قُبْلة الوداع؟ هل كتب عليَّ الزمن أن أعيش وأموت وحيدة بلا أبناء ولا وداع؟ هل قست قلوبكم إلى هذا الحد؟ هل هذا ما أوصاكم به الله في كتابه الكريم أم هل نسيتم قوله تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا» أين الرحمة لماذا تبدلت وتغيرت قلوبكم؟ لماذا وأنا التي تعبتُ في حياتي كلِّها من أجل أن أعلمكم الحب والعطف وكل معاني الحياة الجميلة التي نسيتموها بعد أن اشتد عودكم وبعد أن وهبكم الله كل ما تريدون؟ أهكذا يكون وداعكم لي؟ ألا تخجلون من أنفسكم وتخافون من عقاب الله؟ ألا تخشون أن يفعل بكم أبناؤكم مثلما فعلتم بي؟؛ ولكن لم يعد ينفع أيُّ عتاب الآن، فدموعي اليوم هي التي تحكي لكم واقعي الأليم، إن وحشةَ القبرِ وبُعْدكم عنّي أرحم بكثير من أن أراكم بهذه الوجوه الجاحدة الغادرة، فجميعكم اليوم اتفق على قتلي، فأنا لم أمت بل قُتلت ومع الأسف، إن من قتلوني هم من كنت أظنهم أعز الناس لدي! وفي النهاية لن أقول لكم إلا كلمة واحدة في يومي الأخير وقبل أن أرحل إلى عالم آخر، عالم كلّه حبٌ ورحمة ونعيم – بإذن الله – لن أقول إلا سامحكم الله. من القلب. يوم كنا ما كنتم ويوم انحنينا قمتم