البارحة لم يكن نومي مريحاُ، حرارة الطقس العالية، انقطاع التيار الكهربائي، آلام المقعدة من بعد عملية جراحية، ظلمة حالكة وصمت متقطع، كذلك لم ينبح كلب جارنا، ولم تمرّ طيور النورس صائحة، فقط نغمات أغنية شعبية قديمة لمغني ….، تدخل في طيّات نوم قلق، حارّ، بارد. كنتُ أجد رأسي محشوّا بعنوان لقصيدة للشاعر الأمريكي HomeFront من أصول عربية، فيليب ميتريس: كنتُ أترجم في نومي: موئل، قلت كلمة موفقة، فهي ليست عادية، مكرورة مثل موطن، وهي أيضاً أكثر كثافة في التعبير عن الوطن، مثلما أنها تفيد عن مآل الشيء، وما يؤول إليه الإنسان في المحنة والرخاء. (جاء في المعاجم العربية أن الموئل: المرجع، الملجأ، وكذلك مستقر السَيْل.) لكن الموئل في النوم القلق، كان يابساً، شعثاً، كلوح لا تستطيع له ليّا. كان يحاديني، منتصبا مع دولاب الملابس، له جوارير لا تحصى، فيها تصفق الكلمات، أفتح بعضها دون نسق ما، أكمل بها القصيدة: مدّ خطوك، الشطّ يحيل الحصى فيالق وكتائب، يدفع بالقواقع عميقاً في البحر، النخل الهرم يتنصت كعادته على سمك هائج، ذكر السلطعون الأصفر، سلتان كبيرتان على يمينه وسريرٌ ضيقٌ للريح. في صورة أخرى: رجل لا يرى منه إلاّ قدمان فوق كثيب رمل، وشجيرات رتم مزهرة، وحديث امرأةٍ خافتٍ تنثرُ على السهل الشاسع طيبتها الفذة وبضع ضحكات في صرر متراصفات قرب الباب. شكعت بهرة الهاتف النقال علي يساري، زوجتي تبحث عن وقت هارب، لا يلتفت ولا يتوقف. «الرابعة صباحاً» أسألها ورأسي يُدوِّر في ثنياته الموئلَ «لم ترجع الكهرباء، أبناء السفلة!» تقلّبتُ على يمين لا توجد فيه راحة ولا موئل! «أبناء ال…..!!!