ليست المرة الأولى التي تخرج عليه وتنتفض وتحاول خلعه، فقد فعلتها مرات عديدة دون جدوى. غير أن تلك الانتفاضة الشرسة هي الأعنف، طالما سمع منها ألفاظاً جارحة وتهكماً خارج المألوف ومطالبات غريبة بإصلاحات كثيرة.. كأَنْ يعلمها السياقة، وأن تمارس كرة القدم، وأن تعمل كاشيرة في السوق الكبير.. لكنه كان رافضاً لتلك المطالبات.. وفي تلك اللحظة التاريخية رنت إلى التغيير المحتم. كان يوم الجمعة يوماً مشهوداً في حياتها، فهو رمز للتغيير والخروج على الطغاة، ثارت بعنف متأثرة بالشارع العربي، حاول جاهداً تهدئتها، وعدها بإصلاحات جذرية في حياتهما كلها. سيسافران في نزهة. وسيعيد طلاء المنزل بألوان جذابة، وسوف يشتري سيارة أنيقة.. وسوف يشتري لها ألماساً غالياً.. ويحقق لها كل طلباتها السابقة.. أقسم لها أن ينفذ كل ما وعدها به. لم تأبه بوعوده التي أخلفها كثيراً على حدِّ زعمها.. بل شرعت في تحطيم كل ما يقف أمامها وما تستطيع عليه، حتى إنها همَّتْ به لتؤذيه، حطمت مقتنيات المنزل، رفعت لافتة «ارحل زوجي الفاشل»، أيقن أن الأمر خرج عن السيطرة هذه المرة، ولم يعد هناك أمل في إقناعها بالبقاء عقوداً أخرى.. فقرر التنحي عن حياتها.. انتباتها فرحة عارمة جعلتها ترمي نفسها أرضاً ثم نهضت وألْفَت أخاها لدى الباب، حملها منهكة بعد أن تحقق لها النصر على الطاغية المسكين.