قال الأستاذ الجامعي في الفقه والسياسة الشرعية، عضو اللجنة الشرعية لجمعية تنشيط التبرع بالأعضاء (إيثار) الدكتور محمد البيشي، إن التعويضات المُبالغ فيها نحو الأخطاء الطبية غير موجودة في السعودية، بينما تشتهر الدول الغربية بالمطالبات الباهظة في مجال التعويضات، مبيناً أنه يحق للمتضرر طلب تعويض مالي مواز لحجم الضرر من مرتكب الخطأ من الطاقم الطبي أو الجرّاح أو الممّرض أو الصيدلاني . وأرجع تقدير حجم الضرر الحقيقي إلى اللجنة الشرعية القضائية التي تفصل بين هذه المطالب أو الشكاوى ويكون بعضها كيدياً ولذا يتم رفضها. جاء ذلك خلال حديثه في الندوة التي نظمتها ديوانية الأطباء في الخبر مساء أمس الأول. وأوضح البيشي أن التعويضات عن الأخطاء الطبية لها شِقّان، حيث هناك الحق الخاص والمتعلق بالمريض المتضرر أو ذويه وقد يصل هذا الحق التعويضي من الناحية الشرعية في أقصاه إلى الدية المحددة بالقتل الخطأ، أما الجانب الآخر في التعامل التنظيمي وفق السياسة الشرعية مع هذه الأخطاء فهي العقوبة المقررة لصالح الحق العام أو ما يُسمى بسلطة ولي الأمر في إيقاع العقوبة المناسبة، الذي جاء مفصلاً في نظام مزاولة المهن الصحية في الفصل الرابع ومنها القيام بسحب الرخصة أو إلغاء التعاقد أو الغرامة الجزائية بحسب نوع الخطأ وحجمه وظروف التفريط والتعدي أو غيرها من العقوبات التي تلحق من يرتكب الخطأ الطبي الذي يؤدي إلى ضرر مستدام أو تلف جزء من أجزاء الجسم بل قد يفضي إلى الوفاة. وفيما يخص الموقف الشرعي من التبرع بالأعضاء وخصوصا من قبل الشخص المتوفى دماغيا وصحة خلاف العلماء الشرعيين حول هذه المسألة الحساسة، قال إن مجامع الإفتاء كلها على جواز التبرع بالأعضاء، والجدال في حال الوفاة الدماغية، وأضاف «أفتى مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثالثة المنعقدة في عمّان 1407ه واعتبر هذا الوفاة حقيقية ويبنى عليه جواز التبرع بالأعضاء، كونه يساهم في إنقاذ حياة أناس، واعتمد المركز السعودي لزراعة الأعضاء هذه الفتوى في حالات الحوادث وما يسمى بوضعية ما بعد الغيبوبة، الذي لا أمل له في العودة للحياة». وناقشت الندوة حديث (بول الإبل) وكذلك الأحاديث حول معاقبة إحدى المستشفيات لممرضات سعوديات رفضن القيام بكشف عورات رجال مسنين من أجل القيام بتحميم وتركيب أجهزة القسطرة وغير ذلك من الأمور المرتبطة بمهنة الطب والمنظور الشرعي لها، حيث بين البيشي أن حديث (بول الإبل) صحيح ومسنده موثوق ولا يمكن إنكاره ونفي وجوده، وأن ما صرّح به أحد الكتاب إثارةٌ لجزئية ليست محل نقاش، مشدداً على أن الضرورات تبيح المحظورات وفق حدود معينة وضيقة جداً تلبي الحاجة دون أي مبالغة في القيام بالفعل المحرم في الظروف العادية التي لا تقتضيها الضرورة أو الحاجة الطبية، ويمكن تلافي الفعل المحرم بفعل مباح في الجانب الطبي.