انتقدت دراسة اقتصادية، مبادرات وزارة العمل الأخيرة، لتوطين الوظائف بطرق «قسرية»، وأكدت أن هذه الطرق لا تتماشى مع طبيعة السوق واحتياجات بعض القطاعات من العمالة المدربة، محذرة من أن هذه المبادرات تهدد مجالات عمل عدة، وعلى رأسها المقاولات بالخسائر الفادحة، التي تسفر عن إغلاقها. وألمحت الدراسة إلى درجة عالية من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية وراء تطبيق مبادرات الوزارة بصورتها الحالية، مؤكدة أن تشريعات العمل السعودية «التقييدية» تسهم في ارتفاع عقود المناقصات، وانخفاض معدلات الإنتاجية، وتسرب العمالة الوافدة المدربة، وغياب الشفافية، وتدني الرؤية الاستراتيجية، بخلاف انعكاسات تنموية سلبية في المجتمع السعودي لا تتفق مع توجهات التخطيط التنموي. ولم تنس الدراسة التي اعتمدت على الإحصاءات الميدانية، أن توصي باتخاذ خطوات من شأنها تدعم القطاع الخاص، وتنعش في الوقت نفسه معدلات التوطين بما يضمن الاستفادة للطرفين معا. مخاطر بتراجع الأرباح وانكماش المؤسسات وإضعاف الإنتاجية كشفت الدراسة عن مخاطر مترتبة على تطبيق برامج العمل الحالية، داعية إلى تعديل تلك المبادرات، وأشارت إلى أن التحديات تتمثل في انخفاض حاد في الأرباح، وتقلص الطاقة الاستيعابية، والعزوف عن الاستثمار في القطاع، وبالتالي انكماشه، والتسبب في حدوث أزمة سيولة وربما إفلاس يعقبه إغلاق في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وانكماش القطاعات المكملة مما ينتج عنه بطالة إضافية. والتوظيف القسري لمجموعات من المهارات غير المطابقة، مما ينتج عنها التواكل في بيئة العمل، وإضعاف إنتاجية القطاع، وتهديدات بتراجع حصة القطاع في الناتج المحلى الإجمالى غير النفطي، والتأخير في تسليم المشاريع، واختلال بعض التوازنات الاجتماعية. وأظهرت الدراسة تأخيرا في تنفيذ المشاريع ما بين 18% إلى 33%، واحتمالية ارتفاع التكلفة السنوية للمشاريع كنتيجة لتأثير كل مبادرة بنسب تتراوح بين 2% إلى 17%. القطاع الخاص تَحمَّل وحده مسؤولية التوطين بعد تشُّبع «العام» وأكدت الدراسة أن «قطاع المقاولات من القطاعات الحيوية فى اقتصاد السعودية؛ حيث وصلت مساهمة القطاع في الناتج الإجمالي المحلي عام 2012 م حوالي 33.23 مليار دولار»، بحسب مصلحة الإحصاء العامة والمعلومات. وقالت إن «سوق العمل السعودي شهد عديدا من التغيرات الديناميكية على مدى العقد الماضي، من بينها أن معدل البطالة منذ تسعينيات القرن الماضي ظل ثابتا، وذلك في حدود 10% تقريبا، وكان القطاع العام هو الجهة الرئيسة لتوظيف السعوديين، فيما تراجع معدل التوظيف في القطاع العام خلال السنوات الأخيرة لتشبع القطاع بالموظفين السعوديين، ومع وجود 44% من السكان دون سن 25 عاما، فقد زادت معدلات البطالة بين الشباب لتصل إلى 27%، مشيرة إلى أن «الحكومة اتجهت لخفض معدلات البطالة، إلى القطاع الخاص كمصدر رئيس لإيجاد فرص عمل جديدة للسعوديين، ليس هذا فحسب، وإنما دأبت على تغييرات مستمرة على سياسات العمل لتعزيز فرص توظيف السعوديين». برامج «العمل» تعزز الشركات الكبرى وتقضي على «المنشآت الصغيرة» وأشارت الدراسة إلى أن جوانب برامج العمل تحتاج إلى إجراء تعديلات، خاصة بعد أن ثبت أن التأثيرات السلبية لهذه البرامج تفوق إيجابياتها، كما أن تطبيق التشريعات يتطلب تحليلا أكثر وعيا بالمخاطر قبل مرحلة التنفيذ، وكشفت الدراسة عن احتمال بأن تؤدي برامج التوطين إلى نشوء سوق للشركات العملاقة، والقضاء على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر حيوية للنمو الاقتصادي، مبينة أن هناك بعض المؤشرات الإيجابية على نشوء بيئة مقاولات محترفة، إلا أن هذا يحتاج إلى إكمالها بوضع أهداف معلنة وواضحة مثل التخفيض التدريجي في معدلات البطالة ونسب التوطين المتدرجة التي يتم ربطها بتوفر المهارات المناسبة. مخاطر محتملة كشفت الدراسة التي قدمها الرئيس التنفيذي لشركة أبناء عبدالله عبدالمحسن الخضري نائب رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين فواز الخضري، عن تلازم التوطين في نجاح المشاريع، وذلك في ملتقى صناعة المقاولات بغرفة الشرقية أنه تم دعم سياسات التوطين الجديدة التي تم العمل بها مثل «نطاقات» و»حافز» بسياسات أخرى تتعلق بالتأشيرات ومبادرات العمل المختلفة بهدف جعل القطاع الخاص بديلا جاذبا للسعوديين الباحثين عن عمل، وعملت وزارة العمل على تغيير ثقافة العمل وتوفير العمالة الوطنية الماهرة لإدماجها بقوة العمل المنتجة، مع ذلك يعتقد القائمون على قطاع المقاولات بأنه يمكن هيكلة برامج التوطين بشكل أكثر فعالية دون الإخلال بخطط النمو القومي الخمسية. ويستشعر القطاع أيضا أن إدخال تحسينات معينة على برامج سوق العمل قد يؤدي إلى نتائج مثمرة للجانبين، قطاع المقاولات والقطاع العام. وترى الدراسة أن تشريعات العمل التقييدية تعد العامل الأكثر تحديا أمام مزاولة الأعمال داخل السعودية، الأمر الذي يسبب مخاطر مرتفعة للقطاع، بحسب تقرير التنافسية العالمية 2012 – 2013. وتؤكد أن تقييم التأثيرات والمخاطر قصيرة وطويلة الأجل المرتبطة ببرامج العمل المختلفة، تطلب التفويض بإجراء دراسة تغطي مراجعة برامج التوطين لاسيما نطاقات وحافز، وتحليل سياسات وزارة العمل المتعلقة بمعادلة منح التأشيرات وتأثيرها على تنفيذ المشاريع، وتحليل تأثير سياسات العمل الأخرى مثل نسب برنامج نطاقات المطبقة ورسوم ال 2400 ريال على العمالة الأجنبية، والحد الإرشادي لأجور نطاقات بالنسبة للموظفين السعوديين، وتخفيض ساعات العمل إلى 40 ساعة في الأسبوع، وتقديم اقتراحات عن المكاسب السريعة والحلول طويلة الأجل التى تفيد كلا من قطاع المقاولات والقطاع العام. الحوار والشفافية وأشارت الدراسة إلى خارطة طريق ثلاثية المراحل من شأنها أن توفر مشاركة ناجحة للقطاع في تحقيق رؤية المملكة لعام 2024م تتضمن المرحلة الأولى جذب وإعداد السعوديين عبر المنح الدراسية، ومنح التدريب والتعليم المهني، وتدعيم البنية التحتية المعرفية، فيما تتضمن المرحلة الثانية المكاسب السريعة المشتركة، ودعم جهود صندوق تنمية الموارد البشرية واختلافات العقود، والمكافآت، وإشراك أصحاب المصلحة، وتسهيل التأشيرات، وإنشاء هيئة للمقاولات، وتضم المرحلة الثالثة التوصيات الطويلة الأجل، وتحقيق المنافع فيما يخص محاكاة التشريعات، وتكامل وزارتي العمل والداخلية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. ودعت الدراسة إلى الالتزام بالحوار المتسم بالشفافية، والتطوير المشترك لمؤشرات الأداء الرئيسة لقياس التقدم المحرز في خارطة الطريق، وجذب السعوديين الباحثين المحتملين عن العمل وتأهليهم، وتقديم منح دراسية مستهدفة للمجالات التي تعاني من نقص المهارات، وإجراء دراسة شاملة لتقييم احتياجات المشاريع المحددة، وضمان تطابق الدورات والمناهج التى تدرس في الجامعات مع المهارات المطلوبة، والاستثمار في البنية التحتية القائمة على المعرفة، وإتاحة فرص الاحتراف والتدريب في القطاع الخاص. مكاسب سريعة وألمحت الدراسة إلى مكاسب سريعة خلال مدة من 3 إلى 6 أشهر، تتمثل في توافر المهارات المطلوبة لإحلال السعوديين المؤهلين محل الأجانب، ودعم التنمية المستدامة للمهارات من خلال الهيئات الحكومية المختلفة مثل معاهد التدريب المهني وصندوق تنمية الموارد البشرية وما إلى ذلك، مع مراعاة تأهيل مراكز التدريب بالقدر الذي يفى بحاجة القطاع كما وكيفا. ودعت الدراسة وزارة العمل إلى تطبيق التشريعات الجديدة على العقود القائمة، وإشراك أصحاب المصلحة المتأثرين من تلك السياسات في مناقشة التشريعات المقترحة قبل تنفيذها وذلك من أجل تقييم تأثيرها بشكل كامل. وأوصت الدراسة باتخاذ خطوات طويلة الأجل (سنتين)، من بينها محاكاة الجهات ذات العلاقة بتطبيق التشريعات الجديدة في بيئة خاضعة للرقابة لدراسة تأثيرها وإدخال التعديلات اللازمة عليها، على أن تركز التشريعات والسياسات الجديدة على الحوافز من أجل تحفيز القبول وتشجيع الالتزام، والتعاون بين الجهات المعنية وصندوق تنمية الموارد البشرية ومعاهد التدريب المهني على بناء مجموعة قوية من المهارات المطلوبة لتلبية متطلبات صناعة المقاولات. دراسة تلازم التوطين في نجاح المشاريع إرتفاع التكلفة السنوية للمشاريع دراسة عن مخاوف انخفاض معدلات الإنتاجية وتسرب العمالة الوافدة دراسة تظهر تأخير تنفيذ المشاريع