تعارف الناس على أن أعظم العجائب التي شيدها الإنسان في العهد القديم هي سبع: تمثال زيوس في جزر اليونان التي كانت تمر السفن من تحته، ومنارة الإسكندرية التي انتشلت حجارتها من البحر، وضريح نيسوس، وتمثال رودوس، وحدائق بابل المعلقة، وأهرامات مصر، وسور الصين العظيم. وظن كثير من الناس أن التحنيط عند الفراعنة سر لن يصل إليه العلم، وفي زمن ابن خلدون في القرن الرابع عشر للميلاد استولت على الناس فكرة أن الأهرامات شيدها العمالقة؛ فلا يستطيع البشر أمثالنا تشييد صرح من هذا الحجم، وفي عام 1878م عكف (جيوفاني شياباريللي) على رسم قنوات على ظهر المريخ زعم أن مخلوقات ذكية قامت بصناعتها. وما ثبت الآن أن سر التحنيط لم يعد سراً، وبإمكان العلم أن يحنط اليوم الجثث إلى أجل غير مسمى، وأن الأهرامات بأحجارها المليونية دشنها المصريون بعبقرية هندسية، وتبين أن المريخ جثة باردة في الصقيع منذ أربعة مليارات سنة، وأن أقنية المريخ ليست أكثر من خدعة بصرية. وهذا يذكّرنا بطلبات قريش عن سبع عجائب دليلاً على النبوة من حيازة بئر ارتوازية، وحديقة عنب وتمر، وامتلاك فيلا جميلة، والطيران في الفضاء، وكان جواب القرآن لهم في اتجاه مختلف؛ حين زحزح موضع النقاش كلية، وعدّ المعجزات بما فيها انشقاق الأرض عن دابة، لم تنفع في تبديل عقول أشد قسوة من الحجارة؛ فكان الرهان على سنة الله في خلقه، فهي المعجزة المتناثرة في كل مكان. وأما عجائب العالم القديم السبع التي أوردناها فلا تعادل لو جُمعت كلها مشروعاً واحداً مما يزمع اليابانيون بناءه اليوم، في مشروع (أكس سيد 4000 X – SEED) الذي سيرتفع أربعة كيلو مترات فوق سطح البحر على وسادات من حديد تطفو فوق الماء، يهتز بلطف مع غضب التيفون، وهو بناء سيعيش فيه سبعمائة ألف إنسان بما يعدل حجم مدينة متوسطة عصرية. المستقبل كما نرى أكبر من الخيال، والخيال يخترق المستحيل الذي تعارفنا عليه، لأن المستحيل في عقولنا فقط.