من المعروف أن البدون معظمهم من القبائل المتنقلة بين العراق والكويت والسعودية والأردن في شمال المملكة قبل التقسيم، حزنت كثيراً على أحد المغردين عندما رد على مقالي المنشور في صحيفة «الشرق» والخاص بربط رقم البطاقة بتويتر، وفاجأني بالرد الذي يعكس مدى المعاناة اليومية التي يلازمها هذا المغرد، حيث قال (أنا سعودي مع وقف التنفيذ، أعطِني البطاقة أولاً ثم اربطني بأطول برج لديك)، وأضاف (نحن أول من حارب في الخليج دفاعاً عن بلدنا الغالي، وعندما انتهت الحرب أصبحنا تائهين بين المدن لا نستطيع أن نمارس أي حق من حقوقنا ومحرومين من كل شيء تقريباً). قال وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية قبل عدة أشهر إن الوزارة لديها اهتمام وتوجّه لدراسة وتجنيس البدون، وهذا -حقاً- يُشكر عليه ويبشر بالخير، صحيح أن منح الجنسية ليس بالأمر البسيط الذي نتوقعه، والدولة لها الحق في هذا، لكن إذا نظرنا إلى الحالة الإنسانية التي يعاني منها أبناء هؤلاء النازحين لوجدناها محزنة وتستحق الحل العاجل، ولا يجوز أن نأخذ على هؤلاء جريرة ما ارتكبه أجدادهم سواء بالتنقل أو فقدان هوياتهم الثبوتية (إن وُجدت) كونهم وُلدوا وعاشوا معنا، إذا سألتهم عن بلدان آبائهم وأجدادهم لن تجد الإجابة، ولكن إذا سألتهم عن المملكة لوجدت الإجابة الشافية وباللهجة القبلية السعودية أيضاً، لا نتمنى أن يكون مصير هؤلاء كمصير الغجر في أوروبا الشرقية، الذين تحولوا من منتجين إلى لصوص وقطاع طرق، والسبب أنهم محرومون من كل شيء عدا السرقات. إذا نظرنا لهؤلاء البدون لوجدنا أن لديهم انتماء لمملكتنا الحبيبة يصل حتى الموت، ولا يعرفون غير هذا البلد الذي احتضنهم، إذاً، لماذا نبخل عليهم بالتجنيس؟ ولماذا لا نقوم بتصحيح أوضاعهم؟ في حال قمنا بالمقارنة بيننا وبين الدول المتقدمة نجد أن هذه الدول تقوم بتجنيس الآلاف سنوياً لاحتوائهم والاستفادة منهم رغم أن دياناتهم ولغاتهم وطبيعتهم تختلف كثيراً عن هذه البلدان، ومع هذا يحظون بالترحيب ويتمتعون بجميع الحقوق.