لعب محفظو وحفاظ القرآن الكريم دوراً كبيراً على مدار التاريخ في الحفاظ على الأمن الاجتماعي في المجتمع المسلم خصوصاً الأمن الأسري؛ لأنهم آمنوا أن الأمن في الأسرة يبدأ من المجتمع، فإذا استقرت الأسرة استقر المجتمع والعكس. لذا قام الحفاظ على مدار التاريخ بدور المربين؛ فكانت الكتاتيب والخلاوي تقوم بدور التربية والتعليم في معظم البلاد العربية والإسلامية، وخلقت منظومة قيمة أسرية حافظت على أمن المجتمع وهويته من التفسخ والعبث، لأن الأسرة هي صمام الأمان الأول والأخير في المجتمع. قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ). والأسرة هي قوام المجتمع وأساسه المتين التي إذا صلحت صلح المجتمع والعكس، واستقرار الأسرة ينعكس إيجاباً على المجتمع، فالمجتمع الصالح يتكون من مجموعة أسر صالحة؛ والمجتمع الآمن المطمئن يتكون من مجموعة أسر آمنة مطمئنة ولقد أدرك حفاظ القرآن الكريم وحملة كتاب الله هذه الحقيقة فكان ديدنهم هو الحفاظ على أمن الأسرة النفسي والعقدي والاجتماعي والسلوكي والانفعالي، وذلك عن طريق تربيتها بالآيات التي تحث على تكوين الأسرة المسلمة الصالحة التي يحسن فيها الزوج اختيار زوجته وتحرص فيها الزوجة على حسن اختيار زوجها، وكذلك بتعريف كل من الناشئة والشباب بحقوق وواجبات الزوجية والأسرة من خلال كتاب الله، فكان يقوم المحفظ بدور المربي. وكان حفاظ القرآن في وقت ندر فيه التعلم في السابق هم مشاعل الهداية والأمن في المجتمع, فكان ينظر إليهم بمنظار القدوة, واليوم يلعب حفاظ ومحفظو القرآن الكريم دوراً مهماً في الحفاظ على الأمن الأسري خصوصاً بعد أن أصبح العالم قرية واحدة في ظل السماوات المفتوحة من خلال الفضائيات والأقنية الإعلامية المختلفة من إنترنت وصحافة وإذاعة ومدونات وفضائيات وغيرها، فأصبح الوصول للأسرة سهلاً ميسراً. ونظراً للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها فإن نفوس الناس تهفو لكل خير ولكل جميل وليس هناك أعذب من أصوات حفاظ القرآن حينما ترتل كلام الله سبحانه وتعالى فينزل بلسماً على قلوب يروي ظمأها ويحفظ كيانها ويزرع معها الأمن والطمأنينة.