تباينت ردود فعل مختصين حول توصية طرحتها الندوة الإقليمية لمكافحة المخدرات التي اختتمت أعمالها قبل أيام، وتتعلق بإحلال العلاج محل العقاب في حالات الإدمان. فبينما أيد البعض التوصية، رآها آخرون أنها تحصيل حاصل كونها وردت في نظام مكافحة المخدرات، وتوقع آخرون أن يزداد التعاطي في حال طبقت التوصية، مطالبين بتشديد العقاب على المتعاطين، والنظر في الوقت نفسه إلى المدمنين كمرضى بالاحتكام إلى جهات مختصة. وكشف مساعد المدير العام للشؤون الوقائية ورئيس لجنة الإدمان في هيئة مكافحة المخدرات عبدالإله الشريف ل «الشرق» عن عزم وزارة الصحة ومكافحة المخدرات إنشاء 8 أقسام لمكافحة الإدمان على المخدرات في المستشفيات العامة بنهاية العام الحالي، إضافة إلى خمسة أقسام إضافية خلال العامين المقبلين، مبيناً أن ذلك سيساهم في استيعاب المدمنين بشكل أكبر، فضلاً عن تحسين مستوى الخدمات المقدمة لهم. وأيد الشريف استبدال العلاج بالسجن في قضايا الإدمان، موضحاً أن هذا الاقتراح منصوص في مواد نظام مكافحة المخدرات، ولكن تفعيله يعود إلى القضاء الشرعي؛ حيث إنه هو الجهة المختصة بإصدار الأحكام. وقال الشريف معلقاً على سؤال طرحته «الشرق» عن مدى جاهزية المؤسسات العلاجية للقيام بدور بديل للسجون في مواجهة الإدمان، إن 1800 مدمن أمكن علاجهم بشكل كامل. وأفاد أن علاج الإدمان في مستشفيات العالم كافة يتبع الطريقة نفسها، حيث يعتمد في 30% منه على العلاج الطبي فيما يخصص للجانب النفسي والتأهيلي 70% نفسي، لافتاً إلى أن «مكافحة المخدرات» تسعى إلى تطوير أجهزة العلاج واستحداثها. من جانبه، قلل القاضي وعضو الشورى الدكتور عيسى الغيث من أهمية التوصية، لافتاً إلى أنها ليست لازمة استناداً إلى كونها قاعدة منصوص عليها في نظام مكافحة المخدرات في مادته 43 التي تقضي بأنه «يجوز بدلاً من إيقاع العقوبة على المدمن بسبب تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية الأمر بإيداعه في أحد المصحات المخصصة لهذا الغرض، وعرّفت المادة 32 من النظام نفسه المدمن بأنه من يثبت إدمانه بتقرير طبي صادر من المصحة، كما حددت الحالات التي يجوز فيها إيداع المدمن في المصحة وهي إذا ثبتت إدانته بارتكاب جريمة التعاطي على ألا تقترن بجريمة أخرى، ومن ضبط وبحوزته مواد مخدرة بقصد الاستعمال الشخصي. وأكدت المادة نفسها على ضرورة رفع تقرير من لجنة النظر في حالات الإدمان إلى هيئة التحقيق والادعاء العام مشتملاً على الحالة الاجتماعية ومدة العلاج، ومن ثم ترفع هيئة التحقيق والادعاء العام التقرير إلى المحكمة، ليتسنى للقاضي الحكم بإيداعه مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن سنتين. وأرجع الغيث سبب القصور في تطبيق هذه المواد إلى جهات ثلاث سمّاها وهي «هيئة مكافحة المخدرات» و»هيئة التحقيق والادعاء العام» و»مستشفيات العلاج»؛ حيث إنها عندما تحيل شخصاً للمحكمة لا ترفع أي تقرير بل يطالب المدعي العام بتطبيق عقوبة السجن عليه. وفي السياق ذاته، بيّن الناطق الإعلامي المكلف للمديرية العامة لسجون عبدالله الحربي أنه من الصعب توقع انخفاض عدد السجناء إذا طبق المقترح، كون الموضوع بحاجة إلى دراسة لمعدلات دخول وخروج السجناء خلال السنوات الماضية، إضافة إلى أن المدانين في قضايا المخدرات يشملون المدمن والمهرب والمروج والوسيط. من جهته، رجّح مدير إدارة الخدمات المجتمعية واختصاصي العلاج سليمان الزايدي زيادة حالات التعاطي في حالة عدم تطبيق العقوبة، مشدداً على وجوب تطبيق العقوبة على المتعاطي؛ حيث إن التعاطي جريمة توجب العقاب، أما الإدمان فحالة مرضية تشخّصها الجهة المختصة وليس المحكمة المصدرة للعقوبة. وقال إن التعاطي جريمة تنطوي على اختراق لأنظمة الدولة، والتساهل معه سيكبد مزيداً من المدمنين. وبين الزايدي أن مراحل العلاج تبدأ بإزالة السموم والتخلص منها وقد يستلزم في هذه المرحلة استخدام العقاقير الطبية في الحالات الصعبة، كما قد تستخدم عقاقير للأمراض المصاحبة لها كالاكتئاب، ثم تأتي مرحلة التأهيل النفسي والاجتماعي والديني على يد فريق متكامل من اختصاصيين اجتماعيين ونفسيين ودينيين. وفي المرحلة الثالثة، وهي اختيارية وتلي العلاج، حتى لا يعود المتعافى إلى التعاطي. وقال الزايدي إننا نسعى إلى معالجة جميع الجوانب ولكن قد يصل المدمن إلى المستشفى فاقداً لجميع هذه العوامل النفسية والأسرية والاجتماعية وهنا تكمن الصعوبة في إعادتها كما كانت.