عبدالله مطلق بدأت هذه القصة الحزينة عندما قرر هذا الشاب الطموح الزواج وشقّ طريق الحياة لقد كان شاباً نشيطاً طموحاً كدَّ في العمل وشقّ لنفسه فسحة أمل في وسط مصاعب الحياة ومشاغلها إلى أن كوّن نفسه وتزوّج وهنا بدأت فرحته بأولاده وهو يراهم يكبرون أمام ناظريه وفي كنف أمهم التي ما انفكت تربيهم بحنانها وترضعهم حبَّ الوطن وعنفوان الحياة ، كبر الأولاد وتعلموا وبنوا آمالهم وطموحاتهم أمام مرأى ناظري أبيهم وهي تدمع دماً كلما دخل غرفة أحدهم وهو يعلم أن آمالهم ستقتل في النهاية . لقد كان الولد الأكبر مفعماً بالحيوية والنشاط وكان مجدّاً وكان يحلم بأن يصبح صقراً من صقور هذا الوطن الشامخ وكان لا يتوقف في الحديث عن مثله الأعلى في الطيران صاحب السمو وزير الدفاع حفظه الله، أما ثانيهم فكان ذا حسٍ أمني وكان يملأ غرفته بصور لصاحب السمو نايف بن عبدالعزيز رحمه الله ومستبشراً أن يكون أحد ضباط الشرطة المخلصين عندما ينهي دراسته . أما أوسطهم فكانت تحلم أن تصبح طبيبة وتداوي وتسعف كل من يحتاج لمساعدة من أبناء هذا الوطن أما الأخوان الأخيران ذوا ميولٍ أدبيّة فأحدهما كان يكتب شعراً جميلاً ويعلق على حائط غرفته أبياتاً من أجملها كتب في إحداها . سلمت ياموطن الأمجاد والكرم ياموطني يارفيع القدر والقيم سلمت حام لهذا الدين ياوطنا سما به المجد حتى حلّ في القمم لم تعرف الأرض أغلى منك ياوطنا مشى عليه النبي الحق بالقدم علوت ياموطني وازددت مفخرة كل يرى المجد قد حلاك بالعظم إليك حبي وأشواقي أقدمها مغروسة فيك قد أسقيتها بدمي أما الآخر فكان يحلم بأن يكون مدرساً يخرج أجيالاً تحب العلم وتنفع بعلمها الوطن ويردد أبياتاً لأحمد شوقي يقول فيها : العلم يرفع بيتاً لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف العلم نور و تشريف لصاحبه فأطلب هُديت فنون العلم والأدب كبر الأولاد وكُبرت آمالهم وأحلامهم معهم والأبُ يزداد حسرةً على أولاده ولا يعرف كيف السبيل لتفادي اللحظة التي سيقتل فيها هذه الآمال والأحلام . وهنا لم يجد الأب وسيلة لذلك إلا أن كتب لهم رسالة قال فيها أولادي الأعزاء فلذات كبدي لم أتمن يوماً أن أصل إلى اليوم الذي أقتل فيه طموحاتكم وأحلامكم وكنت أقول دائماً أنا ابن هذا الوطن ولابد أن يضمني إليه يوماً، نحن أناس لا يحق لنا أن نحلم لأننا «بدون» فقط لأننا غير موجودين في السجلات الرسمية.