بعد إمعان النظر في تعميم نائب وزير التربية والتعليم المتعلق بالاختبارات التحصيلية لطلاب الصف السادس الابتدائي والصف الثالث المتوسط، باحثاً عن إجابات لأسئلة حائرة تجول في أذهان كثير من المعلمين والطلاب وأولياء الأمور والمديرين والمشرفين، لم أفلح – مع الأسف الشديد – في الحصول على إجابات لتلك الأسئلة ومن أهمها: س:هل يترتب على هذه الاختبارات نجاح أو رسوب؟ س:هل حضور هذه الاختبارات إجباري أم اختياري؟ س:ماذا سيستفيد الطلبة المتميزون من هذا الاختبار؟ س:ماذا سيخسر ضعاف التحصيل من هذا الاختبار؟ س:هل يتطلب الاختبار أن يذاكر الطلبة كل ما سبق لهم دراسته؟ س:هل من واجب المعلم أن يراجع للطلبة مفردات الفصل الأول؟ س:ما هو الدور المطلوب من الأسرة حيال هذه الاختبارات؟ إنَّ الأسئلة السابقة غيض من فيض، أسئلة لا نجد لها جواباً البتة فيما صدر عن الوزارة من تعاميم، والملفت للنظر أن الوزارة لم تعلن عن هذه الاختبارات في بداية السنة ليستعد لها المعنيون بالخطط والبرامج المناسبة، بل فاجأت الجميع بهذا التعميم الصاعق على حين غرة. وعلى الرغم من هذه الحيرة الناشئة عن فكرة تنفيذ الاختبار التحصيلي وما سيترتب عليه من آثار؛ فإن هذا الاختبار متضمن لأهداف إيجابية رائعة، من حيث التعرف على مستوى التحصيل الدراسي للطلاب في مواد محددة، وتحديد جوانب القوة والضعف في التحصيل، والحصول على أقصى أداء للمتعلم؛ لمعرفة مدى التقدم في تحقيق الأهداف. ولكن ما الذي يدفع الطالب إلى بذل جهد كبير في هذه الاختبارات ليظهر مستواه الحقيقي؟. بل ما الذي يمنع الطلبة من الغياب عن هذه الاختبارات؟. وما الذي سيدفع المعلمين المطبقين إلى بذل مزيد من الجهد الإضافي غير المخطط له مسبقاً – في بداية السنة- مما يضاعف الأعباء والمهام الملقاة على عواتقهم؟. وهل سيشعر المعلمون والمعنيون بأن هذه الاختبارات تقدم لهم عوناً أم عبئاً؟. ومن أهم الطلاسم التي تحير عقول التربويين؛ العجلة في التطبيق، فطلاب السادس الابتدائي -مثلاً- لم يتعودوا على الاختبارات بحسب التقويم المستمر، فضلاً عن الاختبارات التحصيلية الوطنية، مما سيسبب -دون شك- مشكلة حقيقية في مصداقية نتائج الاختبارات، إضافةً إلى حاجة الطلاب للتدريب وبخاصة على نظام الاختبارات الموضوعية، وكان الأولى الانصراف إلى معالجة جوانب الضعف فيما تبقى من السنة الدراسية، على أن يبدأ العمل بهذا النظام من أول العام الجديد، وذلك بعد أخذ وقت كافٍ في تدارس الآليات والخطط اللازمة للاستفادة من هذا الاختبار في تحسين أداء المعلمين ورفع المستوى التحصيلي للطلاب. ومن الغريب أن الوزارة لم تفصح عن علاقة هذا الاختبار بمنظومة التقويم الحالية، فهل هو اعتراف ضمني بفشل تجارب الوزارة المتعددة في لوائح تقويم تحصيل الطلاب، ومن ذلك إلغاء ما يعرف باختبار شهادة المرحلة الابتدائية والمتوسطة. وأخيراً فإن الطلاب وأولياء الأمور والتربويين في الميدان ينتظرون بفارغ الصبر إجابات شافية على ما تم عرضه من تساؤلات مشروعة. كما يشدد الجميع على أهمية البعد عن التعجل في طرح المبادرات والتجارب الكثيرة، التي تشغل الميدان التربوي وتصرفه عن مهامه الحقيقية، وتحوله إلى ميدان للتجارب ومكان للتعلم بأسلوب الصواب والخطأ.