تختلف الدواعي النفسية والاجتماعية وراء إقبال النساء في جميع أنحاء العالم على عمليات التجميل، بين افتقار الثقة بالنفس وحماية الذات من نظرات الآخرين، ويؤجج الترف هذا الجنون، ورغم خطورة الأمر الذي ربما يتحول إلى تشويه، باتت عملية تكبير الثدي من أكثر العمليات التجميلية انتشاراً بين السيدات. ولكن ما لا تستوعبه المرأة اليوم هو أن عمليات التجميل وعمليات تكبير الثدي بحشوات السيليكون لا يظل مفعولها مدى الحياة، وعادة ما تحتاج المرأة إلى تكرار العملية ثلاث مرات، هذا عدا المخاطر المتعددة. فقد كشفت تقريرات صحافية عن مخاوف أن هذه الحشوات تنطلي على مخاطر جسيمة، خصوصاً بعد إعلان الحكومة الفرنسية عن وفاة ثماني حالات مصابة بسرطان الثدي لسيدات استخدمن مثل هذه الحشوات، وتورطت الشركة الفرنسية بهذه الفضيحة في استخدام السيليكون الصناعي الأقل تكلفة للتربح وتوفير مليار يورو، وتقدمت أكثر من ألفي سيدة بشكاوى تمزق الحشوات وتعرضهن للتسمم، وعلى أثرها فتحت الشرطة تحقيقاً جنائياً مع مسؤولي الشركة، وأوصت السلطات الفرنسية بإلزام النساء الفرنسيات بإزالة “حشوات” من السيليكون الضار لتكبير الثدي، وعددهن حوالى ثلاثين ألف سيدة، وستتحمل الحكومة جميع التكاليف، حيث شدد وزير الصحة على الالتزام بما تم ذكره لدرء المشكلات الصحية المترتبة على استخدام سليكون رديء المستوى من إنتاج شركة (Poly Implant Prostheses)، الذي يؤدي للإصابة بعدة سرطانات، وحدوث التهابات، وتهيج لأنسجة الجسم. وقالت هيئة مراقبة منتجات الرعاية الصحية والطبية البريطانية إنه لا حاجة للسيدات اللائي أجريت لهن عمليات زراعة ثدي بواسطة الشركة الفرنسية لإزالتها، ولكن إن ساور القلق أياً منهن فيجب عليها الاتصال بالجراح أو العيادة. وأفادت وزارة الصحة الفرنسية أن السيدات اللائي أجريت لهن عملية زراعة الثدي بالسيليكون من إنتاج الشركة الفرنسية، لسن معرضات لخطر الإصابة بالسرطان أكثر من غيرهن ممن أجريت لهن عملية الزراعة في شركات أخرى، ولكن الوزارة قالت إن هناك مخاطر من تمزق الحشوات، وأكد المعنيون أنهم خاطبوا الجهات المسؤولة لمنع استيراد هذه المواد. وأثارت تلك العمليات فزعاً في فرنسا بعد أن توفيت امرأة (53 عاماً) خضعت لعملية زرع سليكون في ثدييها، جراء إصابتها بشكل نادر من الورم الليمفاوي الذي أصاب الثدي في نوفمبر الماضي. وتقول جمعية جراحي التجميل البريطانيين إن الشركة الفرنسية استخدمت مادة سليكون صناعية رديئة الجودة في عمليات زرع سليكون في أثداء نساء، التي يمكن أن تتسبب في تمزق المادة الهلامية وتسربها إلى أنسجة محيطة وحدوث التسمم. وتحكي إحدى السيدات مأساتها مع السيليكون، التي كادت أن تؤدي إلى بتر رجليها، حيث كانت تعاني من نحافة الساقين لدرجة لافتة، فقامت بعمل نفخ لسيقانها، بعدها شعرت بألم وارتخاء بعضلات إحدى الساقين، فذهبت إلى الطبيب وأخبرها بأن مادة غريبة دخلت جسمها، حيث أصبحت بعدها إحدى سيقانها منتفخة عن الأخرى، وأصبحت مشوهة. وخرجت فضيحة السيليكون المغشوش عن نطاق الحدود الفرنسية لتصبح قضية دولية، وكانت أكثر من ألفي امرأة فرنسية قد أقمن بالفعل دعوى قضائية بشأن تلك العمليات، فيما ذكرت تقريرات أن أكثر من 65 دولة استوردت مادة السيليكون من الشركة الفرنسية، وأغلب هؤلاء المستوردين من أمريكا الجنوبية، حيث يتم استهلاك أكثر من %50 من مجموع إنتاج الشركة، المقدر بمائة ألف حشوة سنوياً، خصوصاً في البرازيل وفنزويلا وكولومبيا والأرجنتين. ووجد في الولاياتالمتحدة أن %40 من النساء اللاتي يترددن على عيادات الجراحة التجميلية يعانين تشوهات في الجسم، وبيّنت دراسات سويدية أن نسبة الإقبال على الانتحار تزداد عند النساء اللاتي يقبلن على عملية تكبير الثدي بثلاثة أضعاف نسبة الانتحار عند النساء العاديات، وتقول التقريرات إن التغييرات التي تشوّه الجسم هي المحفز والسبب المفسر لخطر الانتحار المضاعف ثلاث مرات، ويقول الدكتور باترك باولر، الذى يترأس الجمعية البريطانية لاختصاصي الجراحة التجميلية “من الطبيعي ألّا يقر كل من الطبيب والجراح بهذه الحقائق لمرضاهم؛ لأن المريض قد لا يصدقها، مع العلم أن المريض لن يرضى بالنتيجة أبداً، وربما يبدي انطباعاً بالرضا والسعادة في البداية، لكنه يعود حتماً فيما بعد للاحتجاج أو لطلب استعادة شيء تصعب استعادته”.