علاوة على ما يتم تدوينه في مواقع التواصل الاجتماعي ضد الخدمات الحكومية من حيث المستوى وآليات التنفيذ تحت توقيع الأسماء الصريحة، يستمر (فلان) المتواري خلف الاسم الحركي ولن تتوقف (فلانة) المنتقبة بالاسم الوهمي عن البوح في منافذ الإعلام المفتوح لإعلان المواقف وممارسة التعبير في ساحة غير مشبكة بما يمنع استعمالها والتحرك فيها. الذاكرة الرقمية تعج بالنقد اللاذع و وجهات النظر تٌطرح في كل اتجاه، والأعمال بالنيات من قبل ومن بعد وفي كل الأحوال، طبيعة الحراك تحمل في الغالب سمة التذمر وتوحي وفق التقديرات العامة أن بواعثه خرجت تحت وطأة ثقيلة يمكن إسنادها على أسباب يقودها من حيث الظاهر – ارتفاع سقف التطلعات الشعبية في ظل الرعاية الملموسة من الدولة وتصاعد الأرقام المخصصة لرفاهية المواطن في كل المجالات، وما يقابل ذلك من سوء استعمال وتقدير من بعض المسؤولين لواجباتهم الوطنية وما يمارس من عبث مع الثقة التي نالوها. إضافة إلى التصرف بأسلوب يزرع خلفه كثيراً من الاستفهامات الساخرة وخيبات الأمل. الحراك في إطار القراءة العجلى فيه شيء من المنطق المقبول في بعض الجوانب وفيه أيضا مبالغات، لكنه في العموم ينبئ عن وجود مرض منقول من حدود بعض المراكز الوظيفية التنفيذية، والسؤال هو: من يقف وراء الهجرة من الشارع الحقيقي إلى الافتراضي، ولماذا ؟ في تقديري أن مواجهة السؤال رغم نمطيته وجنوحه لقبول الإجابات المفتوحة أكبر من أي مبررات أو تفسيرات فلسفية أصرفها لكم من حساب اجتهاداتي المعرفية المحدودة، ولهذا قررت بعد دفن شيء من التوقعات في المقدمة أن أمارس الهروب من أمام بوابة الأجوبة القطعية باتجاه أقرب جادة ليس لقياس نبض شوارعكم مهما كانت طبيعتها على الخارطة الفكرية تجاه المسألة، بل لأمر أهم، وهو حثكم على قياس مدى التأثير الذي خلفه التوجه للفضاء المفتوح في لحظات يمكن أن نصفها بمرحلة تدوين ردود الأفعال المتوترة ولفت نظركم لتأمل ما نتج عن قراءتها وتأويلها من قبل غيرنا من مغالطات وتعتيم وحجب الرؤية عن أفق ومكانة المكتسبات الوطنية النوعية وجعلها عرضة للتهميش. أتفق مع المعلن من التحليلات، في أن تحول مجرى الحراك إلى العالم الافتراضي تلقائي لتصريف الإحباطات المصدرة من أدراج بعض المسؤولين الخارجين من رحم المجتمع ذاته كوسيلة عفوية للتعبير وإبداء الرأي أو لفت نظر المركز السيادي مع تحفظي على نشر الغسيل في حدود الآخرين. وهنا أطالبكم بالاتفاق معي من حيث المبدأ والخاتمة على أن (العلة منا وفينا) طالبنا في العلن والخفاء بإشراكنا كمجتمع في إدارة دفة الشؤون التنموية المتصلة بمحور الإنسان والمكان ولم نواجه في تحقيق المطلب أدنى صعوبة. وتحقق المثل (الميدان يا حميدان) والحقيقة تقول ( حميدان ضاع في الميدان). من الواضح أن الصورة المرسومة في الإعلام المفتوح عن واقع الإدارة العامة في الداخل بالمفهوم المطلق، سيئة ومزعجة حد الاستفزاز ويمكن أن تشوش مع مرور الأيام على كل جهد تبذله الدولة وكل مبادرة تتبناها وفي هذا من الظلم أعظمه، ومن المحتمل في سياق التوقعات أن تَصبغ السعودي باللون المهني المذموم ليكون بالتالي على قائمة غير المرغوب فيهم للأغراض المهنية، وفي السياق تتجه أصابع الاتهام إلى بعض أصحاب المعالي والسعادة كصناع للأسباب! وفي الختام والحديث موجه لهم بإيعاز من مبدأ صديقك من صدقك، بقي أن أقول، الأمانة أثقل من الجبال والتاريخ لا يرحم، ومن المؤكد أن ثقة خادم الحرمين الشريفين فيكم لا تقدر بثمن وقد ميزتكم اجتماعيا وأعطتكم من الوجاهة الرسمية والمميزات الدنيوية ما يسكت أشعب وذويه، في وقت يتوق غيركم من المخلصين الأكفاء لهذا الحظ الوافر، فلا تخذلوا من منحكم الثقة ولا تحبطوا المجتمع وتزرعوا الجفاء بينه وبين الدولة بتصرفات غير مسؤولة. وتوقعوا يوماً تقام فيه على بعضكم الدعوى. أستحلفكم بالله نفذوا توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فقط لاغير وكفى.