نائب وزير البيئة يترأس الاجتماع التشاوري لوزراء البيئة العرب ويعقد لقاءات ثنائية    انطلاق أكبر هاكاثون في العالم    بلجيكا: الأصول الروسية المجمدة ستستخدم لتمويل قرض لأوكرانيا    مدرب الجزائر: نسعى لاجتياز عقبة الإمارات وبلوغ قبل نهائي كأس العرب    بيلينجهام يثق في قدرة ألونسو وريال مدريد على التعافي رغم الضغوط    50 اتفاقية .. وتمكين رقمي شامل يفتح آفاقاً جديدة للقطاع غير الربحي البيئي    إحباط تهريب (132,000) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في عسير    كتاب جدة يستهل ندواته الحوارية بالفلسفة للجميع    وفاة طفلة رضيعة في غزة بسبب البرد الشديد    ناصر القصبي يؤكد في الحفل الختامي أهمية تعزيز الحراك المسرحي السعودي    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    يوم الجبال الدولي مشاركة واسعة لإبراز جمال تضاريس السعودية    خفض الفائدة يعيد تشكيل المشهد ويعزز السيولة في السوق السعودي    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية سقياهم    توقيع اتفاقية التعاون الإستراتيجي لدعم التعليم في اليمن بقيمة 40 مليون دولار    روضة إكرام تختتم دورتها النسائية المتخصصة بالأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    45 ركنًا تستعرض خيرات حفر الباطن في مهرجان المنتجات الزراعية    رئيس الخلود: صلاح غير مناسب لدوري روشن    قمة منتظرة بين أبها والعلا.. الجمعة انطلاق الجولة 11 من دوري يلو    برعاية محافظ صبيا المكلف"برّ العالية" تُدشّن مشروع قوارب الصيد لتمكين الأسر المنتجة    تعلموا التاريخ وعلموه    ريما مسمار: المخرجات السعوديات مبدعات    أمسية شعرية تحتفي بمسيرة حسن أبو علة    فعاليات ترفيهية لذوي الإعاقة بمزرعة غيم    طرق ذكية لاستخدام ChatGPT    ممدوح بن طلال.. إرثٌ لا يرحل    رصد أكثر من عشرة آلاف طائر في محمية فرسان    «الثقافة» تختم الفعاليات الثقافية السعودية في البندقية    على هامش شتاء مرات السادس.. معرض منوع لفناني منطقة الرياض    أمير المدينة المنورة يستقبل تنفيذي حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي    سفير خادم الحرمين لدى سويسرا يقدم أوراق اعتماده سفيرًا غير مقيم لدى إمارة ليختنشتاين    استضعاف المرأة    مستشفى الملك فهد الجامعي يعزّز التأهيل السمعي للبالغين    «طبية الداخلية» تقيم ورشتي عمل حول الرعاية الصحية    تطعيم بلا بروتين بيض    في ذمة الله    أمير الشرقية ونائبه يعزيان العتيبي في وفاة والده    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    تشجيع تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة.. الموارد.. مبادرات تحقق العدالة وتعزز بيئة العمل    في سادس جولات اليورباليج.. مواجهة حاسمة بين سيلتيك غلاسكو وروما    في ختام مجموعات كأس الخليج تحت 23 عاماً.. الأخضر يواجه نظيره القطري للصدارة    الرئيس التنفيذي عمر مغربل: الدوري السعودي محط أنظار العالم    بيروت تؤكد سيادتها واستقلال قرارها الداخلي.. رفض لبناني رسمي لدعوة إيران    «مسألة حياة أو موت».. كوميديا رومانسية مختلفة    ضغوط أمريكية لتنفيذ المرحلة الثانية.. واشنطن تلزم تل أبيب بالتقدم في اتفاق غزة    وصول طائرة سعودية جديدة لإغاثة الفلسطينيين    «حساب المواطن»: 3 مليارات ريال لمستفيدي دفعة شهر ديسمبر    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    زواج يوسف    الأرض على موعد مع شهب التوأميات    دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة    3 % نمو بإنتاج المزارع العضوية    نائب أمير مكة: المملكة أولت خدمة المقدسات وقاصديها اهتمامًا خاصًا وجعلتها على هرم الأولوية    تصعيد جديد في اليمن يهدد استقرار الجنوب    استئصال البروستاتا بتقنية الهوليب لمريض سبعيني في الخبر دون شق جراحي    جمعية روضة إكرام تعقد دورتها النسائية حول الأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتوقع والمطلوب والممكن من القمة
نشر في الحياة يوم 25 - 04 - 2011

تعودنا في ظروف طبيعية لا ترقى إلى خطورة الظروف التي نمر بها هذه الأيام ألا نتوقع الكثير من القمة العربية، بعد أن تحولت إلى مؤسسة عقيمة لا حول لها ولا قوة ولم يبق من قراراتها وبياناتها سوى الرماد والغبار وخيبات الأمل.
من هنا ليس من المنطقي ولا من الطبيعي أن تطالب القمة العربية المقبلة بأي قرار أو موقف إيجابي بعد تأجيلها من آذار (مارس) إلى أيار (مايو) مع احتمال تعرضها لتأخير جديد نظراً للتعقيدات المتزايدة والأوضاع المهتزة وارتدادات مفاعيل الزلازل التي ضربت الدول العربية من المحيط إلى الخليج.
كل ما هو مطلوب منها أن تنعقد لمجرد الانعقاد لتبقي على آخر خيط رفيع للعمل العربي المشترك وألا نحمّلها أكثر مما تحتمل أو أن نطالب القادة العرب باجتراح المعجزات أو الأعاجيب. أما المتوقع فهو أمر آخر، أي استيعاب دروس الثورات العربية وانطلاق مارد الشعوب من قمقمه بعد صبر طويل وتحديد مواطن العلل وأسباب الانفجارات وفهم حقائق الأمور بعيداً من الحساسيات والأوهام وأساليب النعامة التي تدفن رأسها في التراب.
يكفي لهذه المرحلة هذا الفهم، ولا ننتظر أكثر من ذلك شرط أن يتحول إلى علاج وانطلاقة جهد وعمل داخل كل دولة وعلى صعيد العمل العربي المشترك بالنسبة الى مشاريع التنمية وإيجاد فرص عمل إضافية وحل مشاكل الفقر والتطرف وسوء توزيع الثروات والتعامل مع الشباب الذين يشكلون أكثرية أبناء الأمة بعقلانية ورحابة صدر وأسلوب حضاري يتماشى مع روح العصر وثورة التكنولوجيا والعلوم ومفاهيم العولمة التي آثرنا أن نرفضها منذ البداية ونعتبرها مزحة أو نكتة دولية سمجة.
فقد سبقت القواعد القمم في هذا المجال ونجح الشباب في تطوير الانترنت ووسائل الاتصال الحديث للتعبير عن رغباتهم ومطالبهم وتطلعاتهم للحاضر والمستقبل بعيداً من الخوف والقلق ومشاعر الإحباط وخيبات الأمل واليأس من كل ما حولهم من أنظمة ومؤسسات ومفاهيم وقيم.
والمهم الآن أن يتم استيعاب الموقف واللحاق بركب الشباب لإصلاح الأوضاع ومنع الانحراف نحو الفوضى والتطرف وصولاً إلى المزاوجة بين روح الثروة ومتطلبات الدولة. أما ترك الحبل على غاربه فسيؤدي إلى الضياع ويوصل الجميع، بلا استثناء، إلى طريق مسدود معبّد بالألغام والمطبات والعراقيل وضياع البوصلة الوطنية.
فالتظاهرات أدت واجباتها، والاعتصامات حققت غاياتها، والرسالة يفترض أن تكون قد وصلت إلى من يهمه الأمر، ولم يعد من الجائز أن تظل الدولة رهينة لمزاج الشارع ولا أن تكون الدولة صمّاء لا مبالية بمطالب الناس وأنين الجماهير وآلام المحتاجين والعاطلين من العمل والساقطين في متاهات الضياع والفراغ واليأس.
هذا هو المشهد من جانبه الشعبي والرسمي الداخلي، لكن المشهد من على مقاعد القمة يجب أن يختلف في رؤيته وتطلعاته ونظرته الى الواقع المرير والحلول المرجوة، فعسى ألا تسفر القمة العتيدة عن فشل آخر يرشّ الملح على الجراح ويصب الزيت على النار ويمهد لزلازل متتالية تدمر ما بقي من كيانات ومؤسسات ودول ومجتمعات.
فإذا كان المطلوب أكبر من طاقات القمة وإمكاناتها الحالية، وكان المتوقع أوسع من أن تستطيع تحمل مفاعليه وتحقيق المستحيل، فإن الحاجة تستدعي إنجاز ولو خطوات متقدمة تعيد الأمل إلى النفوس وتستعيد الثقة المفقودة بالقمة ومؤسساتها وقراراتها المخيبة للآمال.
وبما أن السياسة هي فن الممكن، فإن جلّ ما ننتظره من القمة العتيدة هو تحقيق الحد الأدنى من الممكن أو من الذي يعتبر ضمن إمكانات القادة العرب وملك أيديهم، وهو إطلاق ورشة عمل لمشاريع عربية مشتركة منتجة تؤمّن فرص العمل لملايين الشباب الضائع، وفتح الحدود وتوسيع التجارة البينية وتفعيل مؤسسات الجامعة من مجلس الوحدة الاقتصادية والسوق العربية المشتركة وتحقيق التكامل الاقتصادي والأمن الغذائي العربي.
وبمعنى آخر، إن الممكن في العمل العربي المشترك الآن هو الشأن الاقتصادي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه باعتباره البداية الموصلة إلى طريق الأمن والأمان من دون إغفال خطوات الإصلاح الشامل على صعيد القيادات العربية وتلبيتها لتطلعات الشعوب في إطار الخطوات المطلوبة داخل كل دولة.
أما بالنسبة إلى مؤسسة القمة ومتطلبات المرحلة والقرارات السياسية المطلوبة فهي في مجملها غير متاحة في هذه الظروف التي تمر بها الدول العربية وحالة اللاإستقرار المهيمنة في شتى المجالات.
فمن حيث المبدأ لن يكون في الإمكان اتخاذ قرارات أو التوصل إلى تفاهمات هلامية قبل استقرار الأوضاع وتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، بعد التعارف بين ممثلي الأنظمة الجديدة وغياب وجوه مألوفة وفاعلة. كما أن معظم القيادات ستأتي بلا تفويض ولا قدرة على التقرير لأنها تمثل حكومات انتقالية تشرف على انتخابات عامة وتكوين مؤسسات فتية لدولها تحتاج إلى فترة من الزمن قبل أن تقرر سياساتها ومواقفها.
ومع عدم إغفال احتمال انقلاب الموازين داخل مؤسسة القمة وحدوث تغييرات في التحالفات، فإن المؤسسة نفسها تحتاج إلى انتفاضة كبرى وورشة إصلاح وتغيير تنفض عنها غبار اللامبالاة والإهمال وتستعد لمرحلة القرار والإنجازات والعمل المشترك البعيد من الشعارات والعواطف والحساسيات. ولا بد من البدء بمؤسسة جامعة الدول العربية التي «أكل الدهر عليها وشرب». فالفرصة متاحة الآن لتفعيل دورها وتطوير أدائها بخاصة ان الأمر قد حسم لاختيار أمين عام جديد خلفاً للسيد عمرو موسى الذي انتهت فترة ولايته.
والواقع الجديد الذي ستواجهه القمة العتيدة، إضافة الى كل ما تقدم، هو أن الزلزال الحاصل قد هز كل المفاهيم والقيم التي قامت عليها الجامعة والقمم والنظام العربي برمته، فالتضامن العربي أصبح في خبر كان، وعلى رغم انه لم يكن يعبر يوماً عن أمنيات الشعوب ورغباتها، فإنه كان من حيث الشكل قائماً ومعترفاً به من الجميع ويعود إليه القادة بين الآونة والأخرى للتمسك بتلابيبه كخشبة خلاص، وهذا ما جرى في قمة الكويت عندما أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرته التاريخية للمصارحة والمصالحة وتعزيز وحدة الصف العربي.
لكن الأحداث الأخيرة ضربت مفهوم التضامن العربي في الصميم عندما انحازت أنظمة وقيادات ودول إلى فريق ضد فريق، أو إلى ثورة ضد النظام في شكل سافر وعلني ضاربة عرض الحائط بكل ما كان يقال عن «السيادة» و «الحصانة» ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وأكثر من ذلك حصل، إذ ان الجامعة العربية، من طريق مجلس وزراء الخارجية العرب، اتخذت مواقف وقرارات متقدمة في هذا الشأن عندما دانت النظام الليبي ودعته إلى وقف أعمال العنف وعلّقت عضويته في الجامعة العربية، على رغم كون ليبيا هي الرئيسة الحالية للقمة العربية، ثم ورّطت نفسها في المخطط الغربي تحت ستار ما يسمى بالحظر الجوي كغطاء سيشكل سابقة خطيرة لها تبعاتها ونتائجها المهددة لكل الكيانات والدول العربية.
هذا التطور المهم والخطير تزامن مع إزالة الحجب والممنوعات عن الإعلام العربي ولا سيما الفضائي منه فاتخذ مواقف واضحة بالانحياز الى هذا الطرف أو ذاك وصولاً إلى درجة التحريض والدعوة الى الثورة وتشجيع التمرد بداعي الانحياز إلى صفوف الشعوب.
ولهذا ستجد القمة العربية نفسها أمام خيارات محددة للإجابة عن الأسئلة المطروحة ومنها: هل سقط النظام العربي العام كما سقطت بعض الأنظمة العربية الخاصة؟ وهل انتهى عهد المداراة والحياد في المعالجة الإعلامية لتترك الأمور لأصحاب العلاقة للتصرف وفق ميولهم في شؤون عربية داخلية؟ أم ان من المستحسن وضع ضوابط معينة ورسم خطوط حمر لا يسمح بتجاوزها في استخدام هذا السلاح بحدّيه وبكل قدراته العجائبية التي بدت واضحة في أحداث مصر وتونس وليبيا واليمن وسورية ودول عربية عدة أخرى؟
يبقى سؤال آخر مطروح على القمة وهو: ماذا عن انحسار القرار لدى النظام العربي في كل الأمور المتعلقة بالمنطقة واستقدام البعد الإقليمي للتدخل السافر في مختلف القضايا العربية كأن الساحة قد أصبحت خالية للآخرين: تركيا وإيران وإسرائيل؟ وماذا عن ظاهرة الشذوذ المستهجنة التي برزت خلال الأحداث وتمثلت بالتدخلات الأجنبية الوقحة في الشؤون الداخلية العربية، ولا سيما من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، بعدما سمعنا تهديدات وإملاءات وأوامر لمن يتنحى ومن يثور وصولاً إلى التدخل العسكري والمخططات الرامية الى احتلال مواقع الثروات العربية.
وسط هذه الغيوم الداكنة ينتظر العرب الترياق من قمة العراق على رغم إيمانهم بعدم جدوى هذا الانتظار، لكن الواجب يدعونا لرسم خريطة الطريق وتحديد شكل الأوضاع الراهنة لعل من بيده الحل والربط أن يسعى ويعمل لتغليب العقل والحكمة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه لبناء نظام عربي سليم بالتزامن مع عملية إعادة البناء داخل كل دولة: بناء المؤسسات والأنظمة والإنسان. فالمطلوب خطوات عملية على طريق الخلاص الصعب المحفوف بالمخاطر. لأن البديل كارثي بكل ما في هذه الكلمة من معانٍ وأبعاد، ويا أمان الخائفين!
* كاتب عربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.