تنشأ المشكلات النفسية دوماً ضمن معادلة وتركيبة الزمن، فإما أن نعيش على ذكريات الماضي الأليمة فنعيش حالة من الأسى والحزن العميق وربما ندخل في حالات الاكتئاب، وإما أن نعيش على أحلام المستقبل وسقفها العالي التي عادة ما تتكسر أمام عقبات الإنجاز، مما يسبب إحباطاً متكرراً، وبالتالي تنشأ حالة الخوف والقلق من المستقبل. أياً يكن.. فمن يعيش في الماضي أو المستقبل لا يستطع العيش في اللحظة، ومعنى العيش في اللحظة أن تكون في الزمان والمكان «هنا والآن». نحن نعترف جميعاً بأن البشر يصارعون ظروف الحياة ومشكلاتها، ولكن ليس بالضرورة أن جميع الناس يعانون، فمن يعاني هو من يعيش فقط في بعدي الماضي أو المستقبل، فمن يأكل فقط وهو شارد الذهن بعيداً عن الاستمتاع بالأكل، فهو لا يعيش اللحظة، ومن يقرأ كتاباً ويتعدى بعضاً من صفحاته وما يلبث إلاّ أن يستدرك بأنه لا يعي ما قرأ!، هو في حقيقة الأمر لا يعيش اللحظة، فاللحظة هي الوعي الكامل بالزمن الحقيقي، فزمن الماضي أو المستقبل أزمان غير حقيقية وهي مصيدة الإنسان دوماً في وضعه في التفكير اللاواقعي وهي التي تدخله دوماً في المشكلات. اليوم نحن نعلم ما يعرف بفن عيش اللحظة، وهو من فنون الحياة الطيبة الذي يعتمد على تدريب صمت الأفكار وصمت الصوت الداخلي المشتت للتلذذ بسحر اللحظة ومراقبة التنفس وتعويد المتدرب على العيش كما قلنا «هنا والآن».. الأمر ليس بالصعب فقط تحتاج فيه إلى التمرس، والطريقة اختصرها في الخطوات التالية: حدد وقتاً يومياً للقيام بهذا التدريب.. اجلس في مكان هادئ ومريح وتأكد أن تبعد نفسك عن كل المشتتات. ابدأ بالتنفس المنتظم بأن تأخذ شهيقاً مثلاً في أربع عدات وتطلق زفيراً في نفس العدد. تتبع الهواء النظيف وهو يدخل رئتيك ويملأ صدرك ويتحرك في بقية أجزاء جسمك. استشعر لحظات السلام الداخلي العميق وأنت تركز على الجسم والتنفس فقط وأن مصدر ذلك الشعور هو القلب.. فمن ينطلق من قلبه ينطلق من قرارات صحيحة. راقب نفسك وانتبه دوماً فإذا ذهبت إلى الماضي أو المستقبل فتعلم أن تعود وتركز على تنفسك مرة أخرى.